" والأرض بعد ذلك دحاها " أي بسطها . وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء . وقد مضى القول فيه في أول " البقرة " {[15787]} عند قوله تعالى : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ، ثم استوى إلى السماء " [ البقرة : 29 ] مستوفى .
والعرب تقول : دحوت الشيء أدحوه دحوا : إذا بسطته . ويقال لعش النعامة أُدحِي ؛ لأنه مبسوط على وجه الأرض . وقال أمية بن أبي الصلت :
وبثَّ الخلق فيها إذ دحاها *** فهم قُطَّانُهَا حتى التنادِي{[15788]}
دحاها فلما رآها استوت *** على الماءِ أرْسَى عليها الجِبَالاَ
وقيل : دحاها سواها ، ومنه قول زيد بن عمرو :
وأسلمتُ وَجْهِي لمن أسلمتْ *** له الأرض تحمل صَخْراً ثِقَالاَ
دحاها فلما استوت شدَّها *** بأيدٍ وأرسَى عليها الجِبالاَ
وعن ابن عباس : خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان ، قبل أن يخلق الدنيا بألف عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت . وذكر بعض أهل العلم أن " بعد " في موضع " مع " كأنه قال : والأرض مع ذلك دحاها ، كما قال تعالى : " عتل بعد ذلك زنيم " [ القلم : 13 ] . ومنه قولهم : أنت أحمق وأنت بعد هذا سيء الخلق ، قال الشاعر :
فقلت لها عنِّي إليكِ فإنني *** حرامٌ وإني بعد ذاك لَبيبُ
أي مع ذلك لبيب . وقيل : بعد : بمعنى قبل ، كقوله تعالى : " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " [ الأنبياء : 105 ] أي من قبل الفرقان ، قال أبو خراش الهذلي :
حَمَدْتُ إلهِي بعد عروة إذ نجا *** خِرَاشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهونُ من بعض
وزعموا أن خراشا نجا قبل عروة . وقيل : " دحاها " : حرثها وشقها . قال ابن زيد . وقيل : دحاها مهدها للأقوات . والمعنى متقارب وقراءة العامة " والأرض " بالنصب ، أي دحا الأرض . وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون " والأرض " بالرفع ، على الابتداء ؛ لرجوع الهاء . ويقال : دحا يدحو دحوا ودحى يدحى دحيا ، كقولهم : طغى يطغي ويطغو ، وطغي يطغي ، ومحا يمحو ويمحي ، ولحى العود يلحى ويلحو ، فمن قال : يدحو قال دحوت ومن قال يدحى قال دحيت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.