الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ} (34)

قوله تعالى : " فإذا جاءت الطامة الكبرى " أي الداهية العظمى ، وهي النفخة الثانية ، التي يكون معها البعث ، قال ابن عباس في رواية الضحاك عنه ، وهو قول الحسن . وعن ابن عباس أيضا والضحاك : أنها القيامة ، سميت بذلك لأنها تطم على كل شيء ، فتعم ما سواها لعظم هولها ؛ أي تقلبه . وفي أمثالهم :

جرى الوادي فطمَّ على القَرِيِّ{[15789]}

المبرد : الطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع ، وإنما أخذت فيما أحسب من قولهم : طم الفرس طميما إذا استفرغ جهده في الجري ، وطم الماء إذا ملأ النهر كله . غيره : هي مأخوذة من طم السيل الركية{[15790]} أي دفنها ، والطم : الدفن والعلو . وقال القاسم بن الوليد الهمداني : الطامة الكبري حين يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار . وهو معنى قول مجاهد : وقال سفيان : هي الساعة التي يسلم فيها أهل النار إلى الزبانية . أي الداهية التي طمت وعظمت ، قال :

إن بعضَ الحبِّ يُعْمِي ويُصِمّْ *** وكذاك البغضُ أدهَى وأطَمّْ


[15789]:القري مجرى الماء في الروضة والجمع أقرية وأقراء وقريان، ويضرب المثل عند تجاوز الشيء حده.
[15790]:الركية: البئر، أي جرى سيل الوادي.