الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

" فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي نكال قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] وقوله بعد : " أنا ربكم الأعلى " [ النازعات : 24 ] قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة . وكان بين الكلمتين أربعون سنة ، قاله ابن عباس . والمعنى : أمهله في الأولى ، ثم أخذه في الآخرة ، فعذبه بكلمتيه . وقيل : نكال الأولى : هو أن أغرقه ، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة . وقال قتادة وغيره . وقال مجاهد : هو عذاب أول عمره وأخره . وقيل : الآخرة قوله " أنا ربكم الأعلى " والأولى تكذيبه لموسى . عن قتادة أيضا . و " نكال " منصوب على المصدر المؤكد في قول الزجاج ؛ لأن معنى أخذه الله : نكل الله به ، فأخرج [ نكال ]{[15782]} مكان مصدر من معناه ، لا من لفظه . وقيل : نصب بنزع حرف الصفة . أي فأخذه الله بنكال الآخرة ، فلما نزع الخافض نصب . وقال الفراء : أي أخذه الله أخذا نكالا ، أي للنكال . والنكال : اسم لما جعل نكالا للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به . يقال : نكل فلان بفلان : إذا أثخنه عقوبة . والكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، والنكل القيد . وقد مضى في سورة " المزمل " {[15783]} والحمد لله .


[15782]:زيادة تقتضيها العبارة.
[15783]:راجع ص 45 من هذا الجزء.