" فإذا هم " أي الخلائق أجمعون " بالساهرة " أي على وجه الأرض ، بعد ما كانوا في بطنها . قال الفراء : سميت بهذا الاسم ؛ لأن فيها نوم الحيوان وسهرهم . والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة ، بمعنى ذات سهر ؛ لأنه يسهر فيها خوفا منها ، فوصفها بصفة ما فيها ، واستدل ابن عباس والمفسرون بقول أمية ابن أبي الصلت :
وفيها لحمُ ساهرةٍ وبحرٌ *** وما فاهوا به لهُمُ مُقِيمُ
أقدم مَحَاجِ إنها الأسَاوِرَهْ *** ولا يَهُولَنَّكَ رِجْل{[15772]} نادِرَهْ
فإنما قصرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ *** ثم تعودُ بعدَهَا في الحَافِرَهْ
وفي الصحاح . ويقال : الساهور : ظل الساهرة ، وهي وجه الأرض . ومنه قوله تعالى : " فإذا هم بالساهرة " ، قال أبو كبير الهذلي :
يَرْتَدْنَ ساهرةً كان جَمِيمُهَا *** وعَمِيمُهَا أَسْدَاف ليلٍ مُظْلِمِ{[15773]}
ويقال : الساهور : كالغلاف{[15774]} للقمر يدخل فيه إذا كسف ، وأنشدوا قول أمية بن أبي الصلت{[15775]} :
قمرٌ وساهورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
كأنها عرقُ سامٍ عند ضارِبِهِ *** أو شُقَّةٌ{[15776]} خرجَتْ من جوفِ سَاهُورِ
يريد شقة القمر . وقيل : الساهرة : هي الأرض البيضاء . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : أرض من فضة لم يعص الله جل ثناؤه عليها قط خلقها حينئذ . وقيل : أرض جددها الله يوم القيامة . وقيل : الساهرة اسم الأرض السابعة يأتي بها الله تعالى فيحاسب عليها الخلائق ، وذلك حين تبدل الأرض غير الأرض . وقال الثوري : الساهرة : أرض الشام . وهب بن منبه : جبل بيت المقدس . عثمان بن أبي العاتكة : إنه اسم مكان من الأرض بعينه ، بالشام ، وهو الصقع الذي بين جبل أريحاء وجبل حسان{[15777]} يمده الله كيف يشاء . قتادة : هي جهنم أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم . وإنما قيل لها ساهرة ؛ لأنهم لا ينامون عليها حينئذ . وقيل : الساهرة : بمعنى الصحراء على سفير جهنم ، أي يوقفون بأرض القيامة ، فيدوم السهر حينئذ . ويقال : الساهرة : الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك ؛ لأن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة : جارية الماء ، وفي ضدها : نائمة ، قال الأشعث بن قيس :
وساهرةٍ يُضحي السرابُ مُجَلِّلا *** لأقطارها قد جئتُهَا مُتَلَثِّمَا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.