الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ذُو ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡمَجِيدُ} (15)

قوله تعالى : " ذو العرش المجيد " قرأ الكوفيون إلا عاصما " المجيد " بالخفض ، نعتا للعرش . وقيل : ل " ربك " ؛ أي إن بطش ربك المجيد لشديد ، ولم يمتنع الفصل ، لأنه جار مجرى الصفة في التشديد . الباقون بالرفع نعتا ل " ذو " وهو الله تعالى . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأن المجد هو النهاية في الكرم والفضل ، والله سبحانه المنعوت بذلك ، وإن كان قد وصف عرشه بالكريم في آخر " المؤمنون " {[15911]} . تقول العرب : في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار{[15912]} ، أي تناهيا فيه ، حتى يقتبس منهما . ومعنى ذو العرش : أي ذو الملك والسلطان ، كما يقال : فلان على سرير ملكه ، وإن لم يكن على سرير . ويقال : ثل عرشه : أي ذهب سلطانه . وقد مضى بيان هذا في " الأعراف " {[15913]} وخاصة في " كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى " .


[15911]:راجع جـ 12 ص 157.
[15912]:المرخ والعفار: شجرتان من أكثر الشجر نارا، يتخذ منها الزناد، والعرب تضرب بهما المثل في الشرف العالي. و"استمجد". استكثر.
[15913]:راجع جـ 7 ص 220.