الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَتُوبُواْ فَلَهُمۡ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمۡ عَذَابُ ٱلۡحَرِيقِ} (10)

قوله تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات " أي حرقوهم بالنار . والعرب تقول : فتن فلان الدرهم والدينار إذا أدخله الكور لينظر جودته . ودينار مفتون . ويسمى الصائغ الفتان ، وكذلك الشيطان ، وورق فتين ، أي فضة محترقة . ويقال{[15907]} للحرة فتين ، أي كأنها أحرقت حجارتها بالنار ، وذلك لسوادها . " ثم لم يتوبوا " أي من قبيح صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم وقومه من الآيات والبينات على يد الغلام . " فلهم عذاب جهنم " لكفرهم . " ولهم عذاب الحريق " في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار . وقد تقدم عن ابن عباس . وقيل : " ولهم عذاب الحريق " أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : لهم عذاب ، وعذاب جهنم الحريق . والحريق : اسم من أسماء جهنم ، كالسعير . والنار دركات وأنواع ولها أسماء . وكأنهم{[15908]} يعذبون بالزمهرير في جهنم ، ثم يعذبون بعذاب الحريق . فالأول عذاب ببردها ، والثاني عذاب بحرها .


[15907]:الحرة (بفتح الحاء المهملة): أرض ذات حجارة سود نخرة.
[15908]:في أ، ح، ز، ط، ل: وكانوا.