لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

قال تعالى : { كَذَالِكَ الْعَذَابُ } لأهل مكة { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ }

وهكذا تكون حالُ مَنْ له بدايةٌ حسنةٌ ويجدُ التوفيق على التوالي ، ويجتنبُ المعاصي ، فيُعَوضه اللَّهُ في الوقتِ نشاطاً ، وتلوحُ في باطنه الأحوالُ . . . فإذْا بَدَرَ منه سوءٌ دعوى أو تَرْكَ أدبٍ من آداب الخدمة تَنْسَدُّ عليه تلك الأحوالُ ويقع في قرْةٍ من الإعمال فإذا حَصَلَ منه بالعبادات إخلالٌ ، ولبعض الفرائض إهمالٌ - انقلب حالُه ، ورُدَّ من الوصال إلى البعاد ، ومن الاقتراب إلى الاغتراب عن الباب ، فصارت صفوتُه قسوةً . وإن كان له بعد ذلك توبة ، وعلى مَا سَلَفَ منه ندامة - فقد فات الأمُرُ من يده ، وقلَّما يصل إلى حاله .

ولا يبعد أن ينظر إليه الحقُّ بأفضاله ، فيقبله بعد ذلك رعايةً لما سَلَفَ في بدايته من أحواله . . . فإنَّ الله تعالى رؤوفٌ بعباده .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

قال تعالى مبينا{[1196]}  ما وقع : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ } [ أي : ] الدنيوي لمن أتى بأسباب العذاب أن يسلب الله العبد الشيء الذي طغى به وبغى ، وآثر الحياة الدنيا ، وأن يزيله عنه ، أحوج ما يكون إليه .

{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ } من عذاب الدنيا { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فإن من علم ذلك ، أوجب له الانزجار عن كل سبب يوجب العذاب ويحل العقاب{[1197]}


[1196]:- في ب: معظمًا.
[1197]:في ب: كل سبب يوجب العقاب ويحرم الثواب.