في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

ويصور موقف المؤمنين من الساعة وموقف غير المؤمنين :

( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ، والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ) . .

والذين لا يؤمنون بها لا تحس قلوبهم هولها ، ولا تقدر ما ينتظرهم فيها ؛ فلا عجب يستعجلون بها مستهترين . لأنهم محجوبون لا يدركون . وأما الذين آمنوا فهم مستيقنون منها ، ومن ثم هم يشفقون ويخافون ، وينتظرونها بوجل وخشية ، وهم يعرفون ما هي حين تكون .

وإنها لحق . وإنهم ليعلمون أنها الحق . وبينهم وبين الحق صلة فهم يعرفون .

( ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ) . .

فقد أوغلوا في الضلال وأبعدوا ، فعسير أن يعودوا بعد الضلال البعيد . .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٍ} (18)

قوله : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا } والمراد ههنا المشركون المكذبون بيوم الدين ؛ فإنهم يستعجلون بقيام الساعة على سبيل التهكم والاستسخار ، وهم يظنون أن الساعة غير قائمة . وذلك بخلاف المؤمنين الصادقين فإنهم موقنون بقيام الساعة وأن الناس مجموعون لرب العالمين ليلاقوا الحساب والجزاء . وهو قوله : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي وَجِلون من مجيئها ، خائفون من قيامها . وهذه هي حال المؤمنين الصادقين ؛ إذ يخشون ربهم على الدوام ولا يبرح الخوف قلوبهم من هول القيامة وفُجاءتها ومن شدة يوم الحساب . وهم لا يدرون ما الله حينئذ فاعل بهم . نسأله سبحانه النجاة .

قوله : { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } المؤمنون موقنون أن الساعة قائمة ، وأنها آتية لا ريب فيها .

قوله : { أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } ذلك تأكيد من الله بأن الذين يخاصمون في قيام الساعة ويرتابون في حقيقتها ، أولئك سادرون في الغي والباطل ، تائهون في الجهالة والضلالة ، موغلون في الغرور ومجانبة السداد{[4096]} .


[4096]:تفسير القرطبي ج 16 ص 16 وتفسير ابن كثير ج 4 ص 110.