في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} (14)

ثم ليتذكروا أنهم عائدون بعد الخلافة في الأرض إلى ربهم ليجزيهم عما فعلوا في هذه الخلافة التي زودهم فيها بأنعمه . وسخر لهم فيها ما سخر من القوى والطاقات :

( وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) . .

هذا هو الأدب الواجب في حق المنعم ، يوجهنا الله إليه ، لنذكره كلما استمتعنا بنعمة من نعمه التي تغمرنا ، والتي نتقلب بين أعطافها . . ثم ننساه . . !

والأدب الإسلامي في هذا وثيق الصلة بتربية القلب وإحياء الضمير . فليس هو مجرد طقوس تزاول عند الاستواء على ظهور الفلك والأنعام ، ولا مجرد عبارات يتلوها اللسان ! إنما هو استحياء للمشاعر لتحس بحقيقة الله ، وحقيقة الصلة بينه وبين عباده ؛ وتشعر بيده في كل ما يحيط بالناس ، وكل ما يستمتعون به مما سخره الله لهم ، وهو محض الفضل والإنعام ، بلا مقابل منهم ، فما هم بقادرين على شيء يقابلون به فضل الله . ثم لتبقى قلوبهم على وجل من لقائه في النهاية لتقديم الحساب . . وكل هذه المشاعر كفيلة باستبقاء القلب البشري في حالة يقظة شاعرة حساسة لا تغفل عن مراقبة الله . ولا تجمد ولا تتبلد بالركود والغفلة والنسيان .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} (14)

وقوله : { وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون } أي لصائرون إلى الله بعد الممات .

ويسن للراكب دابته أو غيرها من وسائل الركوب والمطايا أن يدعو بهذا الدعاء إذا ركب ، وخاصة في السفر . وفي ذلك روى الإمام مالك عن عبد الله بن عمر ( رضي الله عنهما ) قال : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب راحلته كبّر ثلاثا ثم قال : { سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين 13 وإنّا إلى ربنا لمنقلبون } ثم يقول : " اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى . اللهم هوّن علينا السفر واطو لنا البعيد . اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل . اللهم أصبحنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا " وكان صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى أهله قال : " آيبون تائبون إن شاء الله عابدون لربنا حامدون " {[4129]} .


[4129]:تفسير كثير جـ 4 ص 123، 124 وأحكام القرآن لا بن العربي جـ 4 ص 1664 وتفسير الرازي جـ 27 ص 200 وتفسير الطبري جـ 25 ص 34.