في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمۡ عَمَلُكُمۡۖ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعۡمَلُ وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ} (41)

26

ويعقب على تقرير مواقفهم من هذا الكتاب بتوجيه الخطاب للرسول - [ ص ] - بألا يتأثر بتكذيب المكذبين ، وأن ينفض يديه منهم . ويعلنهم ببراءته من عملهم ، ويفاصلهم على ما معه من الحق في وضوح وفي حسم وفي يقين :

( وإن كذبوك فقل : لي عملي ولكم عملكم . أنتم بريئون مما أعمل ، وأنا بريء مما تعملون )

وهي لمسة لوجدانهم ، باعتزالهم وأعمالهم ، وتركهم لمصيرهم منفردين ، بعد بيان ذلك المصير المخيف . وذلك كما تترك طفلك المعاند الذي يأبى أن يسير معك ، في وسط الطريق وحده يواجه مصيره فريدا لا يجد منك سنداً . وكثيراً ما يفلح هذا الأسلوب من التهديد !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمۡ عَمَلُكُمۡۖ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعۡمَلُ وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ} (41)

وقوله { وإن كذبوك } ، آية مناجزة لهم ومتاركة وفي ضمنها وعيد وتهديد ، وهذه الآية نحو قوله { قل يا آيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] إلى آخر السورة ، وقال كثير من المفسرين منهم ابن زيد : هذه الآية منسوخة بالقتال لأن هذه مكية ، وهذا صحيح{[6123]} .


[6123]:- قال بالنسخ مع ابن زيد مجاهد، والكلبي، ومقاتل. وقال المحققون: ليست بمنسوخة، ومدلولها اختصاص كل واحد بأفعاله وبثمراتها من الثواب والعقاب، ولم ترفع آية السيف شيئا من هذا. قال أبو حيان في البحر، ثم قال: هذا وقد جاء ترتيب الآية على نسق بلاغي بديع، إذ بدأ في المأمور بقوله: {لي عملي} لأنه آكد في الانتفاء منهم، وفي براءة بدأ بقوله: {أنتم بريئون} لأن هذه الجملة جاءت متممة لما قبلها ومؤكدة له وهو: {ولكم عملكم}، ولمراعاة الفواصل إذ لو تقدم ذكر براءته كما تقدم ذكر أن عمله له لم تقع الجملة فاصلة إذ كان يكون التركيب: {وأنتم بريئون مما أعمل}.