السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمۡ عَمَلُكُمۡۖ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّآ أَعۡمَلُ وَأَنَا۠ بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ} (41)

{ وإن كذبوك } أي : وإن كذبوك يا محمد بعد إلزام الحجة { فقل } لهم { لي عملي } من الطاعة وجزاء ثوابها { ولكم عملكم } من الشرك وجزاء عقابه ، أي : فتبرأ منهم فقد أعذرت ، والمعنى : لي جزاء عملي ولكم جزاء عملكم حقاً كان أو باطلاً . { أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } لا تؤاخذون بعملي ولا أؤاخذ بعملكم . واختلف في معنى ذلك فقيل : معنى الآية الزجر والردع . وقيل : بل معناه استمالة قلوبهم . وقال مقاتل والكلبي : هذه الآية منسوخة بآية السيف . قال الرازي : وهذا بعيد ؛ لأنّ شرط الناسخ أن يكون رافعاً لحكم المنسوخ ، ومدلول هذه الآية اختصاص كل واحد بأفعاله وبثمرات أفعاله من الثواب والعقاب ، وذلك لا يقتضي حرمة القتال ، وآية القتال ما رفعت شيئاً من مدلولات هذه الآية ، فكان القول بالنسخ باطلاً انتهى . ولا تنبغي هذه المبالغة مع مثل من ذكر ، وقد تبعهما جماعة من المفسرين .

ولما قسم تعالى الكفار قسمين : منهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به قسم من لا يؤمن به قسمين : منهم من يكون في نهاية البغض له والعداوة له ونهاية النفرة عن قبول دينه ، ومنهم من لا يكون ، كذلك .