في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ، وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) . .

وهذه مراجعة من الجن لما كانوا يسمعون من سفهائهم من الشرك بالله ، وادعاء الصاحبة والولد والشريك ، بعدما تبين لهم من سماع القرآن أنه لم يكن حقا ولا صوابا ، وأن قائليه إذن سفهاء فيهم خرق وجهل ، وهم يعللون تصديقهم لهؤلاء السفهاء من قبل بأنهم كانوا لا يتصورون أن أحدا يمكن أن يكذب على الله من الإنس أو الجن . فهم يستعظمون ويستهولون أن يجرؤ أحد على الكذب على الله . فلما قال لهم سفهاؤهم : إن لله صاحبة وولدا ، وإن له شريكا صدقوهم ، لأنهم لم يتصوروا أنهم يكذبون على الله أبدا . . وهذا الشعور من هؤلاء النفر بنكارة الكذب على الله ، هو الذي أهلهم للإيمان . فهو دلالة على أن قلوبهم نظيفة مستقيمة ؛ إنما جاءها الضلال من الغرارة والبراءة ! فلما مسها الحق انتفضت ، وأدركت ، وتذوقت وعرفت . وكان منهم هذا الهتاف المدوي : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ، ولن نشرك بربنا أحدا . وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا . .

وهذه الإنتفاضة من مس الحق ، جديرة بأن تنبه قلوبا كثيرة مخدوعة في كبراء قريش ، وزعمهم أن لله شركاء أو صاحبة وولدا . وأن تثير في هذه القلوب الحذر واليقظة ، والبحث عن الحقيقة فيما يقوله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وما يقوله كبراء قريش ، وأن تزلزل الثقة العمياء في مقالات السفهاء من الكبراء ! وقد كان هذا كله مقصودا بذكر هذه الحقيقة . وكان جولة من المعركة الطويلة بين القرآن وبين قريش العصية المعاندة ؛ وحلقة من حلقات العلاج البطيء لعقابيل الجاهلية وتصوراتها في تلك القلوب . التي كان الكثير منها غرا بريئا ، ولكنه مضلل مقود بالوهم والخرافة وأضاليل المضللين من القادة الجاهليين !

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

{ وأنه كان يقول سفيهنا } هو إبليس ، { على الله شططاً } كذباً وعدواناً ، وهو وصفه بالشريك والولد .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

قوله تعالى : " وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا " الهاء في " أنه " للأمر أو الحديث ، وفي " كان " اسمها ، وما بعدها الخبر . ويجوز أن تكون " كان " زائدة . والسفيه هنا إبليس في قول مجاهد وابن جريج وقتادة . ورواه أبو بردة بن أبي{[15443]} موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : المشركون من الجن . قال قتادة : عصاه سفيه الجن كما عصاه سفيه الإنس . والشطط والاشتطاط : الغلو في الكفر . وقال أبو مالك : هو الجور . الكلبي : هو الكذب . وأصله العبد فيعبر به عن الجور لبعده عن العدل ، وعن الكذب لبعده عن الصدق ، قال الشاعر :

بأية حال حكَّمُوا فيك فاشْتَطُّوا *** وما ذاك إلا حيثُ يَمَّمَكَ{[15444]} الوَخْطُ


[15443]:في أ، ح: "أبي بردة عن أبي موسى". تحريف.
[15444]:يممك: قصدك. والوخط: الطعن بالرمح، ومن معانيه أيضا: الشيب.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

{ وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا } هذا من كلام الجن وسفيههم أبوهم إبليس ، وقيل : هو اسم جنس لكل سفيه منهم واختار ذلك ابن عطية ، والشطط التعدي ومجاوزة الحد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

ولما تبين لهم ما هو عليه سبحانه من النزاهة عن كل شائبة نقص ، وصفوا من قال بضده صيانة لدينهم وعرضهم بالترفع عن الخسائس والرذائل بعدم التمادي في الباطل مقتاً للخلق في ذات الخلق مؤكدين لما{[68989]} للسامع في الغالب من تصديق ما يسمع والمحاجة عنه فقالوا : { وأنه } أي وقالوا إن الشأن - هذا على قراءة الكسر ، وآمنا بأنه{[68990]} - على قراءة الفتح { كان يقول } أي قولاً هو في عراقته{[68991]} في الكذب بمنزلة الجبلة {[68992]}والطبع{[68993]} { سفيهنا } وهو الجنس فيتناول إبليس رأس الجنس تناولاً أولياً ، وكل من تبعه ممن لم يعرف{[68994]} الله لأن ثمرة العقل العلم ، وثمرة العلم معرفة الله ، فمن لم يعرفه فهو الذي يلازم الطيش والغي لأنه لا علم عنده أصلاً يحمله على الرزانة{[68995]} ، كاذباً متقولاً { على الله } أي الذي له صفات الكمال المنافية لقول هذا السفيه في الولد { شططاً * } أي قولاً هو في بعده عن الصواب نفس البعد ومجاوزة الحد .


[68989]:- من ظ وم، وفي الأصل: بما.
[68990]:- من ظ وم، وفي الأصل: به.
[68991]:- من م، وفي الأصل: غاية العراقة، وفي ظ: مراقبته-كذا.
[68992]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68993]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68994]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يعرف.
[68995]:- من ظ وم، وفي الأصل: الزياه.