تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

الآية4 : وقوله تعالى : { وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا } فمنهم من ذكر أن سفيههم إبليس ، وليس هذا يرجع إلى كل من يوجد منه فعل السفه .

ألا ترى أنه إذا قيل : كان يقول مسيئنا كذا ، أو كان يقول فاسقنا كذا ، لم يعن به فاسق ولا مسيء واحد على الإساءة ، بل يراد به كل معروف بالإساءة والفسق ؟ .

فعلى ذلك قوله : { وأنه كان يقول سفيهنا } ليس بمقتصر على الواحد ، بل هو راجع إلى كل من يوجد منه ذلك .

ثم في هذه الآية دلالة أن النفر الذين استمعوا كانوا مؤمنين ، ولم يكونوا من أهل الكفر ، لأنهم لو كانوا أهل شرك لكانوا لا يضيفون فعل السفه إلى غيرهم ، ويخرجون أنفسهم منه ، وقد وجد منهم فعل السفه ، ولو كانوا مشركين أيضا لكانوا يقولون مكان هذه الكلمة : وأنا كنا نقول على الله شططا ليكون ذلك منهم توبة ورجوعا عما كانوا فيه من الشرك والكفر وشكرا بما أنعم الله عليهم من عظيم النعمة بأن هداهم للإيمان لا أن يضيفوا ذلك إلى سفهائهم . فثبت أنهم كانوا مؤمنين .

والشطط الجور ، وقال بعضهم : الكذب ، وقال بعضهم : الظلم . والشطط ههنا الجور ، والجور ما أتوا به من الفاحش ، وهو الشرك بالله تعالى ، وهذا يبين أن الجور قبيح في كل الألسن وفي ما بين أهل الأديان . ألا ترى كيف سفّهوا من يقول على الله تعالى بالجور ؟ .