اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا} (4)

قوله : { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى الله شَطَطاً } .

الهاء في «أنه » للأمر أو الحديث ، و «سَفِيهُنَا » يجوز أن يكون اسم «كَانَ » و «يقُولُ » الخبر ، ولو كان مثل هذه الجملة غير واقعة خبراً ل «كَانَ » لامتنع تقديمُ الخبرِ حينئذ ، نحو «سَفِيهُنَا يقُولُ » ، لو قلت : «يَقُولُ سَفيْهُنَا » على التقديم والتأخير ، لم يجز فيه والفرق أنه في غير باب «كَانَ » يلتبس بالفعل والفاعل ، وفي باب «كَانَ » يؤمن ذلك .

ويجوز أن يكون «سَفِيهُنَا » فاعل «يقُولُ » والجملة خبر «كَانَ » واسمها ضمير الأمر مستتر فيها ، وقد تقدم هذا في قوله : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ }[ الأعراف : 137 ] وقوله تعالى : { شَطَطاً } تقدم في سورة الكهف{[58111]} مثله .

قال القرطبيُّ{[58112]} : «ويجوز أن يكون " كان " زائدة ، والسفيه : هو إبليس ، في قول مجاهد وابن جريج وقتادة . ورواه أبو بردة عن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم{[58113]} وقيل : المشركون من الجنِّ .

قال قتادةُ : عصاه سفيه الجن كما عصاه سفيه الإنس{[58114]} والشططُ والإشطاط : الغلو في الكفر .

قال أبو مالك : هو الجور وقال الكلبي : هو الكذب وأصله البعد ويعبر به عن الجور لبعده عن العدل وعن الكذب لبعده عن الصدق{[58115]} ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]

4894 - بأيَّةِ حالٍ حَكَّمُوا فِيكَ فاشْتَطُّوا***وما ذَاكَ إلاَّ حَيْثُ يَمَّمَكَ الوَخْط{[58116]}


[58111]:آية رقم 14.
[58112]:الجامع لأحكام القرآن (19/8).
[58113]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/262) عن قتادة وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/430) عن مجاهد وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. أما حديث أبي موسى فقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/430) وقال: أخرجه الديلمي وابن مردويه بسند واه.
[58114]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/262) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/430) وعزاه إلى عبد بن حميد.
[58115]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/8).
[58116]:ينظر القرطبي في "تفسيره" (19/8).