في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

وبينهما برزخ من طبيعتهما من صنع الله .

وتقسيم الماء على هذا النحو في الكرة الأرضية لم يجئ مصادفة ولا جزافا . فهو مقدر تقديرا عجيبا . الماء الملح يغمر نحو ثلاثة أرباع سطح الكرة الأرضية ويتصل بعضه ببعض ؛ ويشغل اليابس الربع . وهذا القدر الواسع من الماء المالح هو اللازم بدقة لتطهير جو الأرض وحفظه دائما صالحا للحياة .

[ وعلى الرغم من الإنبعاثات الغازية من الأرض طول الدهور - ومعظمها سام - فإن الهواء باق دون تلوث في الواقع - ودون تغير في نسبته المتوازنة اللازمة لوجود الإنسان . . وعجلة الموازنة العظيمة هي تلك الكتلة الفسيحة من الماء - أي المحيط - ] .

ومن هذه الكتلة الضخمة الواسعة تنبعث الأبخرة تحت حرارة الشمس ؛ وهي التي تعود فتسقط أمطارا يتكون منها الماء العذب في جميع أشكاله . وأعظمها الأنهار . والتوافق بين سعة المحيط وحرارة الشمس وبرودة طبقات الجو العليا ، والعوامل الفلكية الأخرى هو الذي ينشأ عنه المطر الذي تتكون منه كتلة الماء العذب .

وعلى هذا الماء العذب تقوم الحياة ، من نبات وحيوان وإنسان . .

وتصب جميع الأنهار - تقريبا - في البحار . وهي التي تنقل إليها أملاح الأرض ، فلا تغير طبيعة البحار ولا تبغي عليها . ومستوى سطوح الأنهار أعلى في العادة من مستوى سطح البحر ، ومن ثم لا يبغي البحر على الأنهار التي تصب فيه ، ولا يغمر مجاريها بمائه الملح ، فيحولها عن وظيفتها ويبغي على طبيعتها ! وبينهما دائما هذا البرزخ من صنع الله . فلا يبغيان .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

بينهما برزخ حاجز من قدرة الله تعالى أو من الأرض لا يبغيان لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

قوله جل ذكره : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ } .

{ بَرْزَخٌ } أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر ، أراد به البحر العذب والبحر الملح . ويقال : لا يبغيان على الناس ولا يغرقانهم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

14

المفردات :

مرج البحرين : أرسل البحرين العذب والملح .

يلتقيان : يتجاوران وتتماس سطوحهما ، لا فصل بينهما في رأى العين .

برزخ : حاجز .

لا يبغيان : لا يبغي أحدهما على الآخر ، بالممازجة وإبطال خاصته .

التفسير :

19 ، 20 ، 21- { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : أرسلهما .

والمعنى : أرسل الله تعالى البحرين – الملح والعذب – وجعلهما يلتقيان في أطرافهما ، كما يلتقي ماء النيل بالبحر الأبيض المتوسط عند دمياط ورشيد ، وهذا الالتقاء والتمازج في الأطراف لم يجعل أحدهما يبغي على الآخر ، فيفقده خاصته ، لأنه تعالى جعل بينهما حاجزا يمنع التمازج الكلّي بينهما .

قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا } . ( الفرقان : 53 ) .

قال المفسرون :

أما التقاؤهما فيكون عند مصابِّ الأنهار في البحار ، وأمَّا البرزخ الذي بينهما فهو القدرة الإلهية التي منعت أن يبغي الماء الملح على العذب فيحوله إلى ملح ، أو أن يبغي العذب على الملح فيحوله إلى عذب ، فبقي كلاهما يؤدي وظيفته التي خُلق لها .

قال ابن كثير :

والمراد بالبحرين : الملح والحلو ، فالملح هذه البحار ، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس ، وجعل الله بينهما برزخا ، وهو الحاجز من الأرض ، لئلا يبغي هذا على هذا ، فيفسد كل واحد منهما الآخر .

فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ .

بأيّ نعم الله تعالى المذكورة في تيسير الماء العذب من الأنهار ، وتيسير الماء الملح من البحار ، ولكل منهما منافع متعددة لكم ، بأيها تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ ونقول نحن : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب ، فلك الحمد .

   
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

برزخ : حاجز .

لا يبغيان : لا يطغى أحدهما على الآخر فيمتزجان .

فقد حجَز بينهما ربُّهما بحاجزٍ من قدرته .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

{ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } أي حاجز من قدرة الله تعالى ، أو من أجرام الأرض كما قال قتادة { لاَّ يَبْغِيَانِ } أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة وإبطال الخاصية بالكلية بناءاً على الوجه الأول فيما سبق ، أو لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما بناءاً على الوجه الثاني ، وروى هذا عن قتادة أيضاً ، وفي معناه ماأخرجه عبد الرزاق . وابن المنذر عن الحسن { لاَّ يَبْغِيَانِ } عليكم فيغرقانكم ، وقيل : المعنى لا يطلبان حالاً غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

شرح الكلمات :

{ بينهما برزخ لا يبغيان } : أي بينهما حاجز لا يبغى أحدهما على الآخر فيختلط به .

/د19

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

ولكن الله تعالى جعل بينهما برزخا من الأرض ، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر ، ويحصل النفع بكل منهما ، فالعذب منه يشربون وتشرب أشجارهم وزروعهم ، والملح به يطيب الهواء ويتولد الحوت والسمك ،

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

بينهما حاجز ، فلا يطغى أحدهما على الآخر ، ويذهب بخصائصه ، بل يبقى العذب عذبًا ، والملح ملحًا مع تلاقيهما .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

{ بينهما برزخ لا يبغيان }

{ بينهما برزخ } حاجز من قدرته تعالى { لا يبغيان } لا يبغي واحد منهما على الآخر فيختلط به .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

قوله تعالى : { بينهما برزخ } حاجز من قدرة الله تعالى ، { لا يبغيان } لا يختلطان ولا يتغيران ولا يبغي أحدهما على صاحبه . وقال قتادة : لا يطغيان على الناس بالغرق . وقال الحسن : مرج البحرين يعني بحر الروم وبحر الهند ، وأنتم الحاجز بينهما . وعن قتادة أيضاً : بحر فارس وبحر الروم بينهما برزخ يعني الجزائر . قال مجاهد والضحاك : بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل عام .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

ثم قال - سبحانه - : { مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } .

وقوله : { مَرَجَ } من المرّج بمعنى الإرسال والتخلية ، ومنه قولهم : مرج فلان دابته . إذا أرسلها إلى المرج ، وهو المكان الذى ترعى فيه الدواب .

ويصح أن يكون من المرج بمعنى الخلط ، ومنه قوله - تعالى - : { فَهُمْ في أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أى : مختلط ، وقيل للمرعى : مرج لاختلاط الدواب فيه بعضها ببعض .

والمراد بالبحرين : البحر العذب ، والبحر الملح ، والبرزخ : الحاجز الذى يحجز بينهما ، بقدرة الله - تعالى - .

والمعنى : خلق الله - تعالى - البحرين ، وأرسلهما بقدرته فى مجاريهما ، بحيث يلتقيان ويتصل أحدهما بالآخر ، ومع ذلك لم يختلطا ، بل يبقى المالح على ملوحته . والعذب على عذوبته ، لأن حكمة الله قد اقتضت أن يفصل بينهما ، بحواجز من أجرام الأرض ، أو بخواص فى كل منهما ، تمنعهما هذه الخواص وتلك الحواجز ، من أن يختلطا ، ولولا ذلك لاختلطا وامتزجا ، وهذا من أكبر الأدلة على قدرة الله - تعالى - ، ورحمته بعباده ، إذ أبقى الله - تعالى - المالح على ملوحته ، والعذب على عذوبته ، لينتفع الناس بكل منهما فى مجال الانتفاع به .

فالماء العذب ينتفع به فى الشراب للناس والدواب والنبات . . . والماء المالح ينتفع به فى أشياء أخرى ، كاستخراج الملح منه ، وفى غير ذلك من المنافع .

ومن بديع صنع الله فى هذا الكون ، أنك تشاهد البحار الهائلة على سطح الأرض ، والأنهار الكثيرة ، ومع ذلك فكل نوع منهما باق على خصائصه ، مع أن كلا منهما قد يلتقى بالآخر .

قال بعض العلماء : والمقصود بالبحرين ما يعرفه العرب من هذين النوعين وهما نهر الفرات . وبحر العجم ، المسمة اليوم بالخليج الفارسى . والتقاؤهما : انصباب ماء الفرات فى الخليج الفارسى ، فى شاطىء البصرة ، والبلاد التى على الشاطىء العربى من الخليج الفارسى تعرف عند العرب ببلاد البحرين لذلك .

والمراد بالبرزخ بينهما : الفاصل بين الماءين : الحلو والملح بيحث لا يغير أحد البحرين طعم الآخر بجواره وذلك بسبب ما فى كل منهما من خصائص تدفع عنه اختلاط الآخر به وهذا من مسائل الثقل النوعى .

وذكر البرزخ تشبيه بليغ ، أى : بينهما مثل البرزخ ، ومعنى لا يبغيان : أى لا يبغى أحدهما على الآخر ، أى : لا يغلب عليه فيفسد طعمه ، فاستعير لهذه الغلبة لفظ البغى .

وقال صاحب الظلال - رحمه الله - : والبحران المشار إليهما هما البحر المالح ، والبحر العذب ، ويشمل الأول البحاروالمحيطات ، ويشمل الثانى الأنهار . ومرج البحرين : أرسلهما وتركهما يلتقيان . ولكنهما لا يبغيان ، ولا يتجاوز كل منهما حده المقدر ، ووظيفته المقسومة ، وبينهما برزخ من طبيعتهما من صنع الله - تعالى - .

وتصب جميع الأنهار - تقريبا - فى البحار ، وهى التى تنقل إليها أملاح الأرض ، فلا تغير طبيعة البحار ولا تبغى عليها ، ومستوى سطوح الأنهار أعلى- فى العادة - من مستوى سطح البحر ، ومن ثم لا يبغى البحر على الأنهار التى تصب فيه . ولا يغمر مجاريها بمائه الملح . . . وبينهما دائما هذا البرزخ من صنع الله ، فلا يبغيان .

فلا عجب أن يذكر - سبحانه - البحرين ، وما بينهما من برزخ ، فى مجال الآلاء والنعم .