مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

ثم قال تعالى : { بينهما برزخ لا يبغيان } إشارة إلى ما ذكرنا من منعه إياهما من الجريان على عادتهما ، والبرزخ الحاجز وهو قدرة الله تعالى في البعض وبقدرة الله في الباقي ، فإن البحرين قد يكون بينهما حاجز أرضي محسوس وقد لا يكون ، وقوله : { لا يبغيان } فيه وجهان ( أحدهما ) من البغي أي لا يظلم أحدهما على الآخر بخلاف قول الطبيعي حيث يقول : الماءآن كلاهما جزء واحد ، فقال : هما لا { يبغيان } ذلك و( ثانيهما ) : أن يقال : لا يبغيان من البغي بمعنى الطلب أي لا يطلبان شيئا ، وعلى هذا ففيه وجه آخر ، وهو أن يقال : إن يبغيان لا مفعول له معين ، بل هو بيان أنهما لا يبغيان في ذاتهما ولا يطلبان شيئا أصلا ، بخلاف ما يقول الطبيعي : أنه يطلب الحركة والسكون في موضع عن موضع .