محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

{ بينهما برزخ } أي حاجز من قدرة الله تعالى وبديع صنعه { لا يبغيان } أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة ، وإبطال الخاصية .

قال الشهاب : يعني أنهما إذا دخل أحدهما في الآخر ، قد يجري في فراسخ ، ولا يتلاشى ويضمحل ، حتى يغير أحدهما طعم الآخر ولونه ، كما نشاهده .

وقيل : المراد بحري فارس والروم ، فإنهما يلتقيان في البحر المحيط ، وبينهما برزخ من الأرض ، لا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما – وهو مروي عن قتادة والحسن – قال الشهاب : لكنه أورد عليه أنه لا يوافق قوله تعالى : { مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج . . . } الآية{[6885]} . والقرآن يفسر بعضه بعضا .

واختار ابن جرير{[6886]} ما روي عن ابن عباس وغيره ؛ أنه عنى به بحر السماء وبحر الأرض . وذلك أن الله قال :{[6887]} { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } واللؤلؤ والمرجان إنما يخرج من أصداف بحر الأرض عن قطر ماء السماء . فمعلوم أن ذلك بحر الأرض وبحر السماء . انتهى .

/وفيه ما في الذي قبله من عدم موافقته لتلك الآية . والأصل في الآي التشابه . زاد ابن كثير : أن ما بين السماء والأرض لا يسمى برزخا ، وحجرا محجورا . فالأولى هو الأول .


[6885]:[25 / الفرقان / 53].
[6886]:انظر الصفحة رقم 128 من الجزء السابع والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.
[6887]:[55 / الرحمان / 22].