قوله : «بينهما بَرْزَخ » أي : حاجز{[54405]} ، «لا يبْغِيَان » ، فعلى القول الأول بأنهما بحر السماء ، وبحر الأرض ، فالحاجز الذي بينهما هو ما بين السماء والأرض . قاله الضحاك .
وعلى الأقوال الباقية : الحاجز : هو الأرض التي بينهما . قاله الحسن وقتادة .
وقال بعضهم : الحاجز : هو القدرة الإلهية .
وقوله : «لا يَبْغِيَان » . قال قتادة : لا يبغيان على النَّاس فيغرقانهم ، جعل بينهم وبين الناس اليبس .
وقال مجاهد وقتادة أيضاً : لا يبغي أحدهما على صاحبه فيغلبه .
وقال ابن زيد : «لا يبغيان » أي يلتقيان{[54406]} ، تقديره : مرج البحرين يلتقيان لولا البرزخ الذي بينهما لا يبغيان أن يلتقيا .
وقيل : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة ، أي : بينهما مدة قدرها الله تعالى ، وهي مدة الدنيا فهما لا يبغيان ، فإذا أذنَ الله بانقضاء الدنيا صار البحران شيئاً واحداً ، وهو كقوله تعالى : { وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ } [ الانفطار : 3 ] .
وقال سهل بن عبد الله : البحران : طريق الخير والشر ، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة .
قال ابن الخطيب{[54407]} : إن الله - تعالى - خلق في الأرض بحاراً تحيط بها الأرض ، وخلق بحراً محيطاً بالأرض أحاط به الهواء ، كما قال به أهل الهيئةِ ، وهذه البحار التي في الأرض لها اتصال بالبحر المحيط ، ثم إنهما لا يبغيان على الأرض ، ولا يغطيانها بفضل الله لتكون الأرض بارزة يتخذها الإنسان مكاناً ، وعند النظر إلى أمر الأرض يحار الطبيعي ويتلجلج في الكلام ، فإن عندهم أن طبع الأرض يكون في المركز مغموراً بالماء ، ويكون الماء محيطاً بجميع جوانبه ، فإذا سألوا عن ظهور الأرض من الماء قالوا : جذب في الأرض .
فإذا قيل لهم : لماذا تجذب ؟ وما سبب الجذب ؟ .
فالذي عنده قليل من الحق أسند ذلك إلى إرادة الله تعالى ومشيئته ، والآخر يقول : ذلك بحسب اتصالات الكواكب وأوضاعها .
فإن قيل له : لماذا اختلفت أوضاع الكواكب على الوجه الذي أوجب البرد في بعض الأرض دون بعض ؟ بهت كما بهت الذي كفر ، ويرجع إلى الحق إن هداه الله تعالى .
وقال ابن الخطيب{[54408]} : ومعنى الآية أن الله - تعالى - أرسل بعض البحرين إلى بعض ، ومن شأنهما الاختلاط فحجزهما ببرزخ من قدرته ، فهما لا يبغيان ، أي : لا يجاوز كل واحدٍ منهما ما حد له .
و«البَغْي » : مجاوزة الحد ، أو من الابتغاء وهو الطَّلب ، أي : لا يطلبان غير ما قدر لهما{[54409]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.