البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٞ لَّا يَبۡغِيَانِ} (20)

{ برزخ } : أي حاجز من قدرة الله تعالى ، { لا يبغيان } : لا يتجاوزان حدهما ، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممارجة .

وقيل : البرزخ : أجرام الأرض ، قاله قتادة ؛ وقيل : لا يبغيان : أي على الناس والعمران ، وعلى هذا والذي قبله يكون من البغي .

وقيل : هو من بغى ، أي طلب ، فالمعنى : لا يبغيان حالاً غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها .

وقيل : ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح ، بل هو بذاته باق فيه .

وقال ابن عطية : والعيان لا يقتضيه .

انتهى ، يعني أنه يشاهد الماء العذب يختلط بالملح فيبقي كله ملحاً ، وقد يقال : إنه بالاختلاط تتغير أجرام العذب حتى لا تظهر ، فإذا ذاق الإنسان من الملح المنبث فيه تلك الأجزاء الدقيقة لم يحس إلا الملوحة ، والمعقول يشهد بذلك ، لأن تداخل الأجسام غير ممكن ، لكن التفرق والالتقاء ممكن .

وأنشد القاضي منذر بن سعيد البلوطي ، رحمه الله تعالى :

وممزوجة الأمواه لا العذب غالب *** على الملح طيباً لا ولا الملح يعذب