في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (43)

40

لقد أخذهم الله بالبأساء والضراء ليرجعوا إلى أنفسهم ؛ وينقبوا في ضمائرهم وفي واقعهم ، لعلهم تحت وطأة الشدة يتضرعون إلى الله ، ويتذللون له ، وينزلون عن عنادهم واستكبارهم ، ويدعون الله أن يرفع عنهم البلاء بقلوب مخلصة ، فيرفع الله عنهم البلاء ، ويفتح لهم أبواب الرحمة . . ولكنهم لم يفعلوا ما كان حريا أن يفعلوا . لم يلجأوا إلى الله ، ولم يرجعوا عن عنادهم ، ولم ترد إليهم الشدة وعيهم ، ولم تفتح بصيرتهم ، ولم تلين قلوبهم . وكان الشيطان من ورائهم يزين لهم ما هم فيه من الضلال والعناد :

( ولكن قست قلوبهم ، وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) . .

والقلب الذي لا ترده الشدة إلى الله قلب تحجر فلم تعد فيه نداوة تعصرها الشدة ! ومات فلم تعد الشدة تثير فيه الإحساس ! وتعطلت أجهزة الاستقبال الفطرية فيه ، فلم يعد يستشعر هذه الوخزة الموقظة ، التي تنبه القلوب الحية للتلقي والاستجابة . والشدة ابتلاء من الله للعبد ؛ فمن كان حيا أيقظته ، وفتحت مغاليق قلبه ، وردته إلى ربه ؛ وكانت رحمه له من الرحمة التي كتبها الله على نفسه . . ومن كان ميتا حسبت عليه ، ولم تفده شيئا ، وإنما أسقطت عذرة وحجته ، وكانت عليه شقوة ، وكانت موظئة للعذاب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (43)

قال الله تعالى : { فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا } أي : فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكنوا إلينا{[10683]} { وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي : ما رقت ولا خشعت { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي : من الشرك والمعاصي .


[10683]:في أ: "لدينا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (43)

{ فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } معناه نفي تضرعهم في ذلك الوقت مع قيام ما يدعوهم أي لم يتضرعوا . { ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون } استدرك على المعنى وبيان للصارف لهم عن التضرع وأنه : لا مانع لهم إلا قساوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (43)

و «لولا » تحضيض ، وهي التي تلي الفعل بمعنى هلا ، وهذا على جهة المعاتبة لمذنب غائب وإظهار سوء فعله مع تحسر ما عليه ، والمعنى إذ جاءهم أوائل البأس وعلاماته وهو تردد البأساء والضراء ، و { قست } معناه صلبت وهي عبارة عن الكفر ونسب التزيين إلى الشيطان وقد قال تعالى في آية أخرى { كذلك زينا لكل أمة عملهم }{[4917]} لأن تسبب الشيطان ووسوسته تجلب حسن الفكر في قلوبهم ، وذلك المجلوب الله يخلقه ، فإن نسب إلى الله تعالى فبأنه خالقه ، وإلى الشيطان فبأنه مسببه .


[4917]:- من الآية (108) من سورة (الأنعام).