فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (43)

{ فلولا } أي فهلا { إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } لكنهم لم يتضرعوا مع قيام المقتضى له وهو البأساء والضراء ، وهذا عتاب لهم على ترك الدعاء في كل الأحوال حتى عند نزول العذاب بهم لشدة تمردهم وغلوهم في الكفر ، ويجوز أن يكون المعنى أنهم تضرعوا عند الله أن نزل بهم العذاب وذلك تضرع ضروري لم يصدر عن إخلاص فهو غير نافع لصاحبه ، والأول كما يدل عليه .

{ ولكن قست } أي صلبت وغلظت فلم تضرع ولم تخشع { قلوبهم } واستمرت على ما هي عليه من القساوة ولم تلن للإيمان ، وهذا استدراك وقع بين الضدين قال أبو السعود : فهذا من أحسن مواقع الاستدراك .

{ وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون } أي أغواهم بالتصميم على الكفر والاستمرار على المعاصي ، والجملة استئناف أخبر تعالى عنهم بذلك أو داخلة في حيز الاستدراك وهو الظاهر ، وهذا رأي الزمخشري فإنه قال : لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا قسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم .