في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

37

والآن فلننظر إلى المشهد المقابل :

( والذين آمنوا وعملوا الصالحات - لا نكلف نفساً إلا وسعها - أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . ونزعنا ما في صدورهم من غل ، تجري من تحتهم الأنهار ، وقالوا : الحمد لله الذي هدانا لهذا - وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله - لقد جاءت رسل ربنا بالحق . ونودوا : أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ) . .

هؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات قدر استطاعتهم ، لا يكلفون إلا طاقتهم . . هؤلاء هم يعودون إلى جنتهم ! إنهم أصحابها - بإذن الله وفضله - ورثها لهم - برحمته - بعملهم الصالح مع الإيمان . . جزاء ما اتبعوا رسل الله وعصوا الشيطان . وجزاء ما أطاعوا أمر الله العظيم الرحيم ، وعصوا وسوسة العدو اللئيم القديم ! ولولا رحمة الله ما كفى عملهم - في حدود طاقتهم - وقد قال رسول الله [ ص ] " لن يدخل أحداً منكم الجنة عمله " . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " . وليس هنالك تناقض ولا اختلاف بين قول الله سبحانه في هذا الشأن ، وقول رسوله [ ص ] وهو لا ينطق عن الهوى . . وكل ما ثار من الجدل حول هذه القضية بين الفرق الإسلامية لم يقم على الفهم الصحيح لهذا الدين ، إنما ثار عن الهوى ! فلقد علم الله من بني آدم ضعفهم وعجزهم وقصورهم عن أن تفي أعمالهم بحق الجنة . ولا بحق نعمة واحدة من نعمه عليهم في الدنيا . فكتب على نفسه الرحمة ؛ وقبل منهم جهد المقل القاصر الضعيف ؛ وكتب لهم به الجنة ، فضلاً منه ورحمة ، فاستحقوها بعملهم ولكن بهذه الرحمة . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

لما ذكر تعالى حال الأشقياء{[11739]} عطف بذكر حال السعداء ، فقال : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ، ضد أولئك الذين كفروا بآيات الله ، واستكبروا عنها .

وينبه{[11740]} تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل ؛ لأنه تعالى قال : { لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .


[11739]:في أ: "ما للأشقياء".
[11740]:في م، أ: "ونبه".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلّف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } على عادته سبحانه وتعالى في أن يشفع الوعيد بالوعد ، ولا نكلف نفسا إلا وسعها اعتراض بين المبتدأ وخبره للترغيب في اكتساب النعيم المقيم بما تسعه طاقتهم ويسهل عليهم . وقرئ لا تكلف نفس .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (42)

وقوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية ، هذه آية وعد مخبرة أن جميع المؤمنين هم أصحاب الجنة ولهم الخلد فيها ، ثم اعترض أثناء القول بعقب الصفة ، التي شرطها في المؤمنين باعتراض يخفف الشرط ويرجى في رحمة الله ويعلم أن دينه يسر وهذه الآية نص في أن الشريعة لا يتقرر من تكاليفها شيء لا يطاق ، وقد تقدم القول في جواز تكليف ما لا يطاق وفي وقوعه بمغن عن الإعادة ، و «الوسع » معناه الطاقة وهو القدر الذي يتسع له قدر البشر .