في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

وكذلك إطعام المسكين ذي المتربة - أي اللاصق بالتراب من بؤسه وشدة حاله - في يوم المسغبة يقدمه السياق القرآني خطوة في سبيل اقتحام العقبة ، لأنه محك للمشاعر الإيمانية من رحمة وعطف وتكافل وإيثار ، ومراقبة لله في عياله ، في يوم الشدة والمجاعة والحاجة . وهاتان الخطوتان : فك الرقاب وإطعام الطعام كانتا من إيحاءات البيئة الملحة ، وإن كانت لهما صفة العموم ، ومن ثم قدمها في الذكر . ثم عقب بالوثبة الكبرى الشاملة :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

وقوله : { أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } أي : فقيرا مُدقعًا لاصقا بالتراب ، وهو الدقعاء أيضا .

قال ابن عباس : { ذَا مَتْرَبَةٍ } هو المطروح في الطريق{[30114]} الذي لا بيت له ، ولا شيء يقيه من التراب - وفي رواية : هو الذي لصق بالدقعاء من الفقر والحاجة ، ليس له شيء - وفي رواية عنه : هو البعيد التربة .

قال ابن أبي حاتم : يعني الغريب عن وطنه .

وقال عكرمة : هو الفقير المديون المحتاج .

وقال سعيد بن جبير : هو الذي لا أحد له .

وقال ابن عباس ، وسعيد ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان : هو ذو العيال .

وكل هذه قريبة المعنى .


[30114]:- (4) في م: "بالطريق".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

فلا أقتحم العقبة أي فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة وهو الدخول في أمر شديد و العقبة الطريق في الجبل استعارها بما فسرها عز وجل من الفلك والإطعام في قوله وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة لما فيهما من مجاهدة النفس ولتعدد المراد بها حسن وقوع لا موقع لم فإنها لا تكاد تقع إلا مكررة إذ المعنى فلا فك رقبة ولا أطعم يتيما أو مسكينا والمسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب وترب إذا افتقر وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي فك رقبة أو أطعم على الإبدال من اقتحم وقوله تعالى وما أدراك ما العقبة اعترض معناه إنك لم تدركنه صعوبتها وثوابها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

و [ أو ] في قوله تعالى [ أو مسكينا ] فيها معنى الإباحة ومعنى التخيير لأن الكلام يتضمن معنى الحض والأمر ، وفيها أيضا معنى التفصيل المجرد ، لأن الكلام يجري مجرى الخبر الذي لا تكون [ أو ] فيه إلا مفصلة وأما معنى الشك و الإبهام فلا مدخل لها في هذه الآية ، والإبهام نحو قوله تعالى : [ وإنا أو إياكم ]{[11839]} ، وقول أبي الأسود :

أحب محمدا حبا شديدا *** وعباسا وحمزة أو عليا{[11840]}

[ وذا متربة ] معناه : مدقعا قد لصق بالتراب وهذا مما ينحو إلى أن المسكين أشد فاقة من الفقير ، قال سفيان : هم المطروحون على ظهر الطريق قعودا على التراب لا بيوت لهم ، وقال ابن عباس : هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه إلى بيته مستيقنا أنه ليس فيه إلا التراب .


[11839]:من الآية 24 من سورة سبأ.
[11840]:أبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو بن جندل الكناني، وهو يعد في الشعراء والنحويين، وكان علوي الرأي وشهد مع الإمام علي وقعة صفين، وولي البصرة لابن عباس، والبيت يلتقي مع هذه الاتجاهات، ,"أو" فيه للإبهام.