وقرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائيُّ " فَكَّ " فعلاً ماضياً ، " ورقبةً " نصباً " أو أَطْعم " فعلاً ماضياً أيضاً . والباقون " فَكُّ " برفع الكاف اسماً ، " رقبةٍ " خَفْصٌ بالإِضافة ، " أو إطعامٌ " اسمٌ مرفوعٌ أيضاً . فالقراءةُ الأولى الفعلُ فيها بَدَلٌ مِنْ قولِه " اقتحمَ " فهو بيانٌ له ، كأنَّه قيل : فلا فَكَّ رقبةً ولا أطعَمَ ، والثانيةُ يرتفع فيها " فَكُّ " على إضمار مبتدأ ، أي : هو فَكُّ رقبة أو إطعامٌ ، على معنى الإِباحة . وفي الكلامِ حَذْفُ مضافٍ دلَّ عليه " فلا اقتحمَ " تقديرُه : وما أدراك ما اقتحامُ العقبة ؟ فالتقدير : اقتحامُ العقبة فكُّ رَقَبَة أو إطعامٌ ، وإنما احْتيج إلى تقديرِ هذا المضافِ ليتطابقَ المفسِّر والمفسَّر . ألا ترى أنَّ المفسِّر - بكسرِ السين - مصدرٌ ، والمفسَّر - بفتحِ السينِ - وهو العقبةُ غيرُ مصدر ، فلو لم نُقَدِّرْ مضافاً لكان المصدرُ وهو " فَكُّ " مُفَسِّراً للعين ، وهو العقبةُ .
وقرأ أميرُ المؤمنين وأبو رجاء " فَكَّ أو أطعمَ " فعلَيْن كما تقدَّم ، إلاَّ أنهما نصبا " ذا " بالألف . وقرأ الحسن " إطعامٌ " و " ذا " بالألفِ أيضاً وهو على هاتَيْنِ القراءتَيْن مفعولُ " أَطْعم " أو " إطعامٌ " و " يتيماً " حينئذٍ بدلٌ منه أو نعتٌ له . وهو في قراءةِ العامَّةِ " ذي " بالياء نعتاً ل " يوم " على سبيل المجاز ، وُصِفَ اليومُ بالجوع مبالغةً كقولهم : " ليلُك قائمٌ ونهارُك صائمٌ " والفاعلُ لإِطعام محذوفٌ ، وهذا أحدُ المواضعِ التي يَطَّرِدُ فيها حَذْفُ الفاعلِ وحدَه عند البصريين ، وقد بَيَّنْتُها مُسْتوفاةً ولله الحمدُ .
والمَسْغَبَةُ : الجوعُ مع التعبِ ، وربما قيل في العطش مع التعب ، قال الراغب . يُقال منه : سَغِبَ الرجل يَسْغَبُ سَغْباً وسُغُوباً فهو ساغِبٌ وسَغْبانُ والمَسْغَبَةُ مَفْعَلَة منه ، وكذلك المَتْرَبَةُ من التراب . يقال تَرِب ، أي : افتقر حتى لَصِقَ جِلْدُه بالتراب . فأمَّا أَتْرَبَ بالألف فبمعنى استغنى نحو : أَثْرى ، أي : صار مالُه كالتراب وكالثَّرى والمَقْرَبَةُ أيضاً : مَفْعَلَة من القَرابة . وللزمخشري هنا عبارةٌ حلوة قال : " والمَسْغَبَةُ والمَقْرَبَةُ والمَتْرَبَةُ مَفْعَلات مِنْ سَغِبَ إذا جاع وقَرُبَ في النَّسَب وتَرِبَ إذا افتقر " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.