السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ أو مسكيناً } وهو من له مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته ، ولا يكفيه . { ذا متربة } ، أي : لصوق بالتراب لفقره . يقال : ترب إذا افتقر ، ومعناه : التصق بالتراب وأما أترب فاستغنى ، أي : صار ذا مال كالتراب في الكثرة كما قيل : أثرى . وعنه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { ذا متربة } : «الذي مأواه المزابل » قال ابن عباس رضي الله عنهما : «هو المطروح على الطرق الذي لا بيت له » . وقال مجاهد : وهو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره . وقال قتادة : أنه ذو العيال . واحتج بهذه الآية على أنّ المسكين يملك شيئاً لأنه لو كان لا يملك شيئاً لكان تقييده بقوله تعالى : { ذا متربة } تكريراً . وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة برفع الكاف وجرّ رقبة وكسر همزة إطعام وفتح العين وبعدها ألف ورفع الميم منوّنة ، والباقون فك بنصب الكاف رقبة بالنصب أطعم بفتح الهمزة والعين والميم بغير تنوين ، ولا ألف بين العين والميم .

فإن قيل : قوله تعالى : { فلا اقتحم العقبة } إلى آخره ذكر لا مرّة واحدة . قال الفرّاء والزجاج : والعرب لا تكاد تفرد لا مع الفعل الماضي حتى تعيد لا كقوله تعالى : { فلا صدّق ولا صلى } [ القيامة : 31 ] ؟ .