في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

100

( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) . .

وتفرقت كلمتهم واعتقاداتهم وعباداتهم ، ولكن كلمة سبقت من الله أن يكون حسابهم الكامل يوم القيامة :

( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) . .

ولحكمة ما سبقت هذه الكلمة ، ولم يحل عذاب الاستئصال بهم ، لأن لهم كتابا ، والذين لهم كتاب من أتباع الرسل كلهم مؤجلون إلى يوم القيامة ، لأن الكتاب دليل هداية باق ، تستطيع الأجيال أن تتدبره كالجيل الذي أنزل فيه . والأمر ليس كذلك في الخوارق المادية التي لا يشهدها إلا جيل ، فإما أن يؤمن بها وإما أن لا يؤمن فيأخذه العذاب . . والتوراة والإنجيل كتابان متكاملان يظلان معروضين للأجيال حتى يجيء الكتاب الأخير ، مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل فيصبح هو الكتاب الأخير للناس جميعا يدعى إليه الناس جميعا ، ويحاسب على أساسه الناس جميعا ، بما فيهم أهل التوراة وأهل الإنجيل . ( وإنهم ) . . أي قوم موسى . . ( لفي شك منه مريب ) . . من كتب موسى ، لأنه لم يكتب إلا بعد أجيال ، وتفرقت فيه الروايات واضطربت ، فلا يقين فيه لمتبعيه .

وإذا كان العذاب قد أجل . . فإن الكل سيوفون أعمالهم خيرها وشرها . سيوفيهم بها العليم الخبير بها ولن تضيع :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

ثم ذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب ، فاختلف الناس فيه ، فمن مؤمن به ، ومن كافر به ، فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك يا محمد أسوة ، فلا يغيظنك تكذيبهم لك ، ولا يهيدنَّك ذلك .

{ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } قال ابن جرير : لولا ما تقدم من تأجيله العذاب{[14935]} إلى أجل معلوم ، لقضى الله بينهم .

ويحتمل أن يكون المراد بالكلمة ، أنه لا يعذب أحدا إلا بعدم{[14936]} قيام الحجة عليه ، وإرسال الرسول إليه ، كما قال : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء : 15 ] ؛ فإنه قد قال في الآية الأخرى : { وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } [ طه : 129 ، 130 ] .

ثم أخبر أن الكافرين في شك - مما جاءهم به الرسول - قوي ، فقال { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ } .


[14935]:- في ت : "العباد" وفي أ : "الميعاد".
[14936]:- في ت ، أ : "إلا بعد".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

{ ولقد آتينا موسى الكتاب فاختُلف فيه } فآمن به قوم وكفر به قوم كما اختلف هؤلاء في القرآن . { ولولا كلمةٌ سبقت من ربك } يعني كلمة الإنظار إلى يوم القيامة . { لقُضي بينهم } بإنزال ما يستحقه لامبطل ليتميز به عن المحق . { وإنهم } وإن كفار قومك . { لفي شك منه } من القرآن . { مريب } موقع في الريبة .