ويصور موقف المؤمنين من الساعة وموقف غير المؤمنين :
( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ، والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ) . .
والذين لا يؤمنون بها لا تحس قلوبهم هولها ، ولا تقدر ما ينتظرهم فيها ؛ فلا عجب يستعجلون بها مستهترين . لأنهم محجوبون لا يدركون . وأما الذين آمنوا فهم مستيقنون منها ، ومن ثم هم يشفقون ويخافون ، وينتظرونها بوجل وخشية ، وهم يعرفون ما هي حين تكون .
وإنها لحق . وإنهم ليعلمون أنها الحق . وبينهم وبين الحق صلة فهم يعرفون .
( ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ) . .
فقد أوغلوا في الضلال وأبعدوا ، فعسير أن يعودوا بعد الضلال البعيد . .
وقوله : { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا } أي : يقولون : { مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ سبأ : 29 ] ، وإنما يقولون{[25802]} ذلك تكذيبا واستبعادا ، وكفرا وعنادا ، { وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا } أي : خائفون وجلون من وقوعها { وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ } أي : كائنة لا محالة ، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها .
وقد رُوي من طرق تبلغ درجة التواتر ، في الصحاح والحسان ، والسنن والمسانيد ، وفي بعض ألفاظه ؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت جَهْوَرِيّ ، وهو في بعض أسفاره فناداه فقال : يا محمد . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته " هاؤم " . فقال : متى الساعة ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ، إنها كائنة ، فما أعددت لها ؟ " فقال : حُب الله ورسوله . فقال : " أنت مع من أحببت{[25803]} .
فقوله في الحديث : " المرء مع من أحب " ، هذا متواتر لا محالة ، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة ، بل أمره بالاستعداد لها .
وقوله : { أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ } أي : يحاجّون في وجودها ويدفعون وقوعها ، { لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ } أي : في جهل بين ؛ لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى ، كما قال : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] .
{ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } استهزاء . { والذين آمنوا مشفقون منها } خائفون منها مع اغتيابها لتوقع الثواب . { ويعلمون أنها الحق } أي الكائن لا محالة . { ألا إن الذين يمارون في الساعة } يجادلون فيها من المرية ، أو من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب لأن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة . { لفي ضلال بعيد } عن الحق فإن البعث أشبه الغائبات إلى المحسوسات ، فمن لم يهتد لتجويزه فهو أبعد عن الاهتداء إلى ما وراءه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.