في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ} (56)

30

وإنهم لفي ظلال مستطابة يستروحون نسيمها . . وعلى أرائك متكئين في راحة ونعيم هم وأزواجهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ} (56)

وقوله : { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ } قال مجاهد : وحلائلهم { فِي ظِلالٍ } أي : في ظلال الأشجار { عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } .

قال ابن عباس ، ومجاهد وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، والحسن ، وقتادة ، والسُّدِّيّ ، وخُصَيْف{[24780]} : { الأرَائِكِ } هي السرر تحت الحجال .

قلت : نظيره في الدنيا هذه التخوت{[24781]} تحت البشاخين ، والله أعلم .


[24780]:- في ت : "ومحمد بن كعب وغيرهم".
[24781]:- في أ : "النحوت".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ} (56)

القول في تأويل قوله تعالى : { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرَآئِكِ مُتّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مّا يَدّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رّبّ رّحِيمٍ } .

يعني تعالى بقوله : هُمُ أصحاب الجنة وأزْوَاجُهُمْ من أهل الجنة في الجنة ، كما :

حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : هُمْ وأزْوَاجُهُمْ في ظِلالٍ قال : حلائلهم في ظُلَل .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : «فِي ظُلَلٍ » بمعنى : جمع ظلة ، كما تُجمع الْحُلة حُللاً . وقرأه آخرون : فِي ظِلالٍ وإذا قرىء ذلك كذلك كان له وجهان : أحدهما أن يكون مُرادا به جمع الظّلَل الذي هو بمعنى الكِنّ ، فيكون معنى الكلمة حينئذٍ : هم وأزواجهم في كنّ لا يضْحَوْن لشمس كما يَضْحَى لها أهلُ الدنيا ، لأنه لا شمس فيها . والاَخر : أن يكون مرادا به جمع ظلة ، فيكون وجه جمعها كذلك نظير جمعهم الحلة في الكثرة : الخِلال ، والقُلّة : قِلال .

وقوله : عَلى الأرَائِكِ مُتّكِئُونَ والأرائك : هي الحِجال فيها السُرر والفُرُش : واحدتها أريكة ، وكان بعضهم يزعم أن كلّ فِراش فأريكة ، ويستشهد لقوله ذلك بقول ذي الرمة :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كأنّما تُباشِرْنَ بالمَعزاءِ مَسّ الأَرَائِكِ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : عَلى الأَرَائِكِ مُتّكِئِونَ قال : هي السّرُر في الحِجال .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن مجاهد ، في قول الله : عَلى الأرَائِكِ مُتّكِئُونَ قال : الأرائك : السّرر عليها الحِجال .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا حصين ، عن مجاهد ، في قوله : مُتّكِئِينَ عَلى الأرَائِكِ قال : الأرائك : السّرُر في الحِجال .

حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مجاهد ، في قوله : عَلى الأرَائك قال : سُرُر عليها الحِجال .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : زعم محمد أن عكرمة قال : الأرائك : السّرُر في الحِجال .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن ، وسأله رجل عن الأرائك قال : هي الحجال . أهل اليمن يقولون : أريكة فلان . وسمعت عكرمة وسئل عنها فقال : هي الحجال على السّرُر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة على الأرائِكِ مُتّكِئُونَ قال : هي الحِجال فيها السرر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هُمۡ وَأَزۡوَٰجُهُمۡ فِي ظِلَٰلٍ عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ مُتَّكِـُٔونَ} (56)

وقرأ الجمهور { فاكِهُونَ } بصيغة اسم الفاعل . وقرأه أبو جعفر بدون ألف بصيغة مثال المبالغة .

جملة { هُمْ وأزْواجُهُمْ في ظِلالٍ } إلى آخرها واقعة موقع البيان لجملة { إنَّ أصحابَ الجَنَّةِ } الخ . والمراد بأزواجهم : الأزواج اللاتي أُعِدّت لهم في الجنة . ومنهن من كُنَّ أزواجاً لهم في الدنيا إن كنّ غير ممنوعات من الجنة قال تعالى : { جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم } [ الرعد : 23 ] .

والظلال قرأه الجمهور بوزن فِعال بكسر أوله على أنه جمع ظلّ ، أي ظلّ الجنات . وقرأه حمزة والكسائي وخلف { ظُلَل } بضم الظاء وفتح اللام جمع ( ظُلة ) وهي ما يظل كالقِباب . وجمع الظلال على القراءتين لأجل مقابلته بالجمع وهم أصحاب الجنة ، فكلّ منهم في ظل أو في ظلة .

و { الأرائك } : جمع أريكة ، والأريكة : اسم لمجموع السرير والحَجَلة ، فإذا كان السرير في الحَجَلة سمي الجميع أريكة . وهذا من الكلمات الدالة على شيء مركب من شيئين مثل المائدة اسم للخِوان الذي عليه طعام .

والاتكاء : هيئة بين الاضطجاع والجلوس وهو اضطجاع على جنب دون وضع الرأس والكتف على الفراش . وهو افتعال من وكأ المهموز ، إذا اعتمد ، أبدلت واوه تاء كما أبدلت في تُجاه وتُراث ، وأخذ منه فعل اتكأ لأن المتّكىء يشد قعدته ويرسخها بضرب من الاضطجاع .

والاسم منه التُّكَأة بوزن هُمَزة ، وهو جلوس المتطلب للراحة والإِطالة وهو جلسة أهل الرفاهية ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { وأعتدت لهن متكأ } في سورة يوسف ( 31 ) . وكان المترفهون من الأمم المتحضرة يأكلون متّكئين كان ذلك عادة سادة الفرس والروم ومن يتشبه بهم من العرب ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم « أمَّا أنا فلا آكل متكئاً » وذلك لأن الاتكاء يعين على امتداد المعدة فتقبل زيادة الطعام ولذلك كان الاتكاء في الطعام مكروهاً للإِفراط في الرفاهية . وأما الاتكاء في غير حال الأكل فقد اتكأ النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسه كما في حديث ضِمام بن ثعلبة وافِد بني سعد بن بكر : أنه دخل المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : « هو ذلك الأزهر المتكىء » .