وبالقوة ذاتها وبالحركة نفسها : ( وفجرنا الأرض عيونا ) . . وهو تعبير يرسم مشهد التفجر وكأنه ينبثق من الأرض كلها ، وكأنما الأرض كلها قد استحالت عيونا .
والتقى الماء المنهمر من السماء بالماء المتفجر من الأرض . . ( على أمر قد قدر ) . . التقيا على أمر مقدر ، فهما على اتفاق لتنفيذ هذا الأمر المقدر . طائعان للأمر ، محققان للقدر .
{ وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا } أي : نبعت جميعُ أرجاء الأرض ، حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا ، { فَالْتَقَى الْمَاءُ } أي : من السماء ومن الأرض { عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } أي : أمر مقدر .
قال ابن جُرَيْج ، عن ابن عباس : { فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ } كثير ، لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده ، ولا من السحاب ، فتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم ، فالتقى الماءان على أمر قد قدر .
وروى ابن أبي حاتم أن ابن الكُوَّاء سأل عليا عن المجرة فقال : هي شرج السماء ، ومنها فتحت السماء بماء منهمر .
وقوله : وَفَجّرْنا الأرْضَ عُيُونا يقول جلّ ثناؤه : وأسلنا الأرض عيون الماء . كما :
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : وَفَجّرْنا الأرْضَ عُيُونا قال : فجّرنا الأرض الماءَ وجاء من السماء .
فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدرْ يقول تعالى ذكره : فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه ، كما :
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرْ قال : ماء السماء وماء الأرض . وإنما قيل : فالتقى الماء على أمر قد قدر ، والالتقاء لا يكون من واحد ، وإنما يكون من اثنين فصاعدا ، لأن الماء قد يكون جمعا وواحدا ، وأريد به في هذا الموضع : مياه السماء ومياه الأرض ، فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع . وقيل : التقى الماء على أمر قد قُدر ، لأن ذلك كان أمرا قد قضاه الله في اللوح المحفوظ . كما :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب قال : كانت الأقوات قبل الأجساد ، وكان القدر قبل البلاء ، وتلا فالْتَقَى المَاءُ على أمْرٍ قَدْ قُدِرَ .
وقرأ الجمهور : «وفجّرنا » بشد الجيم . وقرأ ابن مسعود وأصحابه وابو حيوة عن عاصم «وفجَرنا » بتخفيفها . وقرأ الجمهور «فالتقى الماء » على اسم الجنس الذي يعم ماء السماء وماء العيون . وقرأ الحسن وعلي بن أبي طالب وعاصم الجحدري . «فالتقى الماءان » ويروى عن الحسن : «فالتقى الماوان » .
وقوله : { على أمر قد قدر } قال فيه الجمهور على رتبة وحالة قد قدرت في الأزل وقضيت . وقال جمهور من المتأولين المعنى : على مقادير قد قدرت ورتبت وقت التقائه ، ورووا أن ماء الأرض علا سبعة عشر ذراعاً وكان ماء السماء ينزل عليه بقية أربعين ذراعاً أو نحو هذا لأنه مما اختلفت فيه الروايات ولا خبر يقطع العذر في شيء من هذا التحرير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.