البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ} (12)

وقرأ الجمهور : { وفجرنا } بتشديد الجيم ؛ وعبد الله وأصحابه وأبو حيوة والمفضل عن عاصم : بالتخفيف ؛ والمشهور أن العين لفظ مشترك .

والظاهر أنها حقيقة في العين الباصرة ، مجاز في غيرها ، وهو في غير الماء مجاز مشهور ، غالب وانتصب عيوناً على التمييز ، جعلت الأرض كلها كأنها عيون تتفجر ، وهو أبلغ من : وفجرنا عيون الأرض ، ومن منع مجيء التمييز من المفعول أعربه حالاً ، ويكون حالاً مقدرة ، وأعربه بعضهم مفعولاً ثانياً ، كأنه ضمن { وفجرنا } : صيرنا بالتفجير ، { الأرض عيوناً } .

وقيل : وفجرت أربعين يوماً .

وقرأ الجمهور : { فالتقى الماء } ، وهو اسم جنس ، والمعنى : ماء السماء وماء الأرض .

وقرأ عليّ والحسن ومحمد بن كعب والجحدري : الماءان .

وقرأ الحسن أيضاً : الماوان .

وقال الزمخشري : وقرأ الحسن ماوان ، بقلب الهمزة واواً ، كقولهم : علباوان . انتهى .

شبه الهمزة التي هي بدل من هاء في الماء بهمزة الإلحاق في علبا .

وعن الحسن أيضاً : المايان ، بقلب الهمزة ياء ، وفي كلتا القراءتين شذوذ .

{ على أمر قد قدر } : أي على حالة ورتبة قد فصلت في الأزل .

وقيل : على مقادير قد رتبت وقت التقائه ، فروى أن ماء الأرض كان على سبعة عشر ذراعاً ، ونزل ماء السماء على تكملة أربعين ذراعاً .

وقيل : كان ماء الأرض أكثر .

وقيل : كانا متساويين ، نزل من السماء قدر ما خرج من الأرض .

وقيل : { على أمر قد قدر } : في اللوح أنه يكون ، وهو هلاك قوم نوح عليه السلام بالطوفان ، وهذا هو الراجح ، لأن كل قصة ذكرت بعد هذه القصة ذكر الله هلاك مكذبي الرسل فيها ، فيكون هذا كناية عن هلاك قوم نوح ،