في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

( وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ، وما كانوا خالدين ) . .

فقد اقتضت حكمة الله أن يكون الرسل من البشر ، يتلقون الوحي فيدعون به الناس . وما كان الرسل من قبل إلا رجالا ذوي أجساد . وما جعل الله لهم أجسادا ثم جعلهم لا يأكلون الطعام . فأكل الطعام من مقتضيات الجسدية ، والجسدية من مقتضيات البشرية . وهم بحكم أنهم بشر مخلوقون لم يكونوا خالدين . . هذه هي سنة الله المطردة فليسألوا أهل الكتاب الذين عرفوا الأنبياء من قبل . إن كانوا هم لا يعلمون .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

يقول تعالى رادًّا على من أنكر بعثة الرسل من البشر : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا يُوحَى{[19595]} إِلَيْهِمْ }

أي : جميع الرسل الذين تقدموا كانوا رجالا من البشر ، لم يكن فيهم أحد من الملائكة ، كما قال في الآية الأخرى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا يُوحَى{[19596]} إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى } [ يوسف : 109 ] ، وقال تعالى : { قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ } [ الأحقاف : 9 ] ، وقال تعالى حكاية عمن تقدم من الأمم أنهم أنكروا ذلك فقالوا : { أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } [ التغابن : 6 ] ؛ ولهذا قال تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } أي : اسألوا أهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف : هل كان الرسل الذين أتوهم بشرًا أو ملائكة ؟ إنما كانوا بشرًا ، وذلك من تمام نِعمَ الله على خلقه ؛ إذ بعث فيهم رسلا{[19597]} منهم يتمكنون من تناول البلاغ منهم والأخذ عنهم .


[19595]:- في ف ، أ : "نوحي".
[19596]:- في ف ، أ : "نوحي".
[19597]:- في ف ، أ : "رسولا" ، وهو خطأ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوَاْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : وما أرسلنا يا محمد قبلك رسولاً إلى أمة من الأمم التي خلت قبل أمتك إلا رجالاً مثلهم نوحي إليهم ما نريد أن نوحيه إليهم من أمرنا ونهينا ، لا ملائكة فماذا أنكروا من إرسالنا لك إليهم ، وأنت رجل كسائر الرسل الذين قبلك إلى أممهم ؟ وقوله : فاسأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يقول للقائلين لمحمد صلى الله عليه وسلم في تناجيهم بينهم «هل هذا إلا بشر مثلكم » : فإن أنكرتم وجهلتم أمر الرسل الذين كانوا من قبل محمد ، فلم تعلموا أيها القوم أمرهم إنسا كانوا أم ملائكة ، فاسألوا أهل الكتب من التوراة والإنجيل ما كانوا يخبروكم عنهم كما » :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : فاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ يقول : فاسألوا أهل التوراة والإنجيل قال أبو جعفر : أراه أنا قال : يخبروكم أن الرسل كانوا رجالاً يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق .

وقيل : أهلُ الذكر : أهلُ القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثني أحمد بن محمد الطوسيّ ، قال : ثني عبد الرحمن بن صالح ، قال : ثني موسى بن عثمان ، عن جابر الجعفيّ ، قال : لما نزلت : فاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال عليّ : نحن أهل الذّكر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فاسْأَلُوا أهْلَ الذّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قال : أهل القرآن ، والذكر : القرآن . وقرأ : إنّا نَحْنُ نَزّلْنا الذّكْرَ وَإنّا لَهُ لحَافِظُونَ .