فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

ثم أجاب سبحانه عن قولهم : هل هذا إلا بشر مثلكم بقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمُ } أي لم نرسل قبلك إلى الأمم السابقة إلا رجالاً من البشر ، ولم نرسل إليهم ملائكة كما قال سبحانه : { قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم منَ السماء مَلَكًا رَسُولاً } [ الإسراء : 95 ] . وجملة يوحي إليهم مستأنفة لبيان كيفية الإرسال ، ويجوز أن تكون صفة ل{ رجالاً } أي متصفين بصفة الإيحاء إليهم . قرأ حفص وحمزة والكسائي : { نوحي } بالنون ، وقرأ الباقون بالياء : التحتية . ثم أمرهم الله بأن يسألوا أهل الذكر إن كانوا يجهلون هذا فقال : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } وأهل الذكر : هم أهل الكتابين : اليهود والنصارى ، ومعنى { إن كنتم لا تعلمون } : إن كنتم لا تعلمون أن رسل الله من البشر ، كذا قال أكثر المفسرين . وقد كان اليهود والنصارى لا يجهلون ذلك ولا ينكرونه ، وتقدير الكلام : إن كنتم لا تعلمون ما ذكر فاسألوا أهل الذكر . وقد استدل بالآية على أن التقليد جائز وهو خطأ ، ولو سلم لكان المعنى سؤالهم عن النصوص من الكتاب والسنّة ، لا عن الرأي البحت ، وليس التقليد إلا قبول قول الغير دون حجته . وقد أوضحنا هذا في رسالة بسيطة : سميناها «القول المفيد في حكم التقليد » .

/خ9