اعلم أنه تعالى أجاب عن سؤالهم الأول وهو قولهم : { هَلْ{[27862]} هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } بقوله :
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ } فبين أن هذه عادة الله في الرسل من قبل محمد - عليه السلام-{[27863]} ولم يمنع ذلك من كونهم رسلاً ، وإذا صح ذلك فيهم فقد ظهر على محمد مثل آياتهم{[27864]} .
«فاسألوا أَهْلَ الذكر » يعني علماء أهل الكتاب حتى يعلموهم أن رسل الله الموحى إليهم كانوا بشراً ، ولم يكونوا ملائكة ، وإنما أحلهم على أولئك ، لأنهم كانوا يتابعون المشركين في معاداة الرسول{[27865]} ، وأمر المشركين بمُساءلة أهل الكتاب ، لأنهم إلى تصديق من لم يؤمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أقرب منهم إلى تصديق من آمن قال تعالى : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الذين أشركوا أَذًى كَثِيراً }{[27866]} فإن قيل : إذا لم يوثق باليهود والنصارى فكيف يجوز أن يأمرهم بأن يسألوهم عن الرسل ؟
فالجواب : إذا تواتر خبرهم وبلغ حدّ الضرورة جاز ذلك ، لأنَّا نعلم بخير الكفار إذا تواتر كما نعلم بخبر المؤمنين{[27867]} . وقال ابن زيد : أراد بأهل الذكر المؤمنين{[27868]} ، وهو بعيد ، لأنهم كانوا طاعنين في القرآن وفي الرسول .
فأما تعلق كثير من الفقهاء بهذه الآية في أن للقاضي أن يرجع إلى فتيا العلماء وفي أن للمجتهد أن يأخذ بقول مجتهد آخر ، فبعيد ، لأن هذه الآية خطاب مشافهة ، وهي واردة{[27869]} في هذه الواقعة المخصوصة ، ومتعلقة باليهود والنصارى على التعيين{[27870]} .
قوله : { إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } جواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدم{[27871]} عليه ، أي : «فَاسْأَلُوُهَم » ، ومفعولا العلم يجوز أن يراد ، أي : لا تعلمون أن ذلك كذلك ويجوز أن لا يراد ، أي : إن كنتم من غير ذوي العلم{[27872]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.