البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

ولما تقدم من قولهم { هل هذا إلا بشر مثلكم } وأن الرسول لا يكون إلاّ من عند الله من جنس البشر قال تعالى راداً عليهم { وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً } أي بشراً ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا ، ثم أحالهم على { أهل الذكر } فإنهم وإن كانوا مشايعين للكفار ساعين في إخماد نور الله لا يقدرون على إنكار إرسال البشر .

وقوله { إن كنتم لا تعلمون } من حيث إنّ قريشاً لم يكن لها كتاب سابق ولا إثارة من علم .

والظاهر أن { أهل الذكر } هم أحبار أهل الكتابين وشهادتهم تقوم بها الحجة في إرسال الله البشر هذا مع موافقة قريش في ترك الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فشهادتهم لا مطعن فيها .

وقال عبد الله بن سلام : أنا من أهل الذكر .

وقيل : هم أهل القرآن .

وقال علي : أنا من أهل الذكر .

وقال ابن عطية : لا يصلح أن يكون المسؤول أهل القرآن في ذلك الوقت لأنهم كانوا خصومهم انتهى .

وقيل { أهل الذكر } هم أهل التوراة .

وقيل : أهل العلم بالسير وقصص الأمم البائدة والقرون السالفة ، فإنهم كانوا يفحصون عن هذه الأشياء وإذا كان { أهل الذكر } أريد بهم اليهود والنصارى فإنهم لما بلغ خبرهم حد التواتر جاز أن يسألوا ولا يقدح في ذلك كونهم كفاراً .

وقرأ الجمهور : يوحي مبنياً للمفعول .

وقرأ طلحة وحفص { نوحي } بالنون وكسر الحاء