تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (7)

الآية 7 : وقوله تعالى : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم } كان هذا خرج جوابا لقولهم : { هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون } كذا ، وجواب قولهم : { أبعث الله بشرا رسولا } [ الإسراء : 94 ] وجواب قولهم : { وقالوا لولا أنزل عليه ملك } فقال : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا } أي بشرا نوحي إليهم إلى عامة الخلق ؛ أي الرسالة في الأمم الذين من قبله إلى عامة الخلق كانت في البشر . لم تكن في الملائكة ، وإلا كانت الرسالة إلى الخواص في الملائكة ، وهم الرسل . فعلى ذلك لا تجعل الرسالة في هذه الأمة إلى عامة الخلق في الملائكة ، ولكن تجعل في البشر على ما جعل في الأمم الأولى في البشر .

وجائز أن يكون قوله : { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم } أي [ جعلنا الرسالة ]{[12542]} في الذكور منهم ، لم يجعلها في النساء والإناث لما لم يستكملن شرائط الرسالة والنبوة . فكان الأول في بيان الجنس ؛ أي لم يجعل الرسالة إلى عامة الخلق إلى الملائكة ، ولكن جعلها في البشر . والثاني في بيان استكمال شرائط الرسالة واستحقاقها .

وفي حرف ابن مسعود وأبي : وما أرسلنا قبله إلا رجالا نوحي إليهم . فعلى حرفهما كأنه خاطب به أولئك الكفرة ، أي ما أرسلنا قبل محمد إلا رجالا نوحي إليهم . وفي القراءة الظاهرة المشهورة يكون الخطاب لرسول الله ، أي قل لهم : إنه ما أرسل الله من قبلك إلا رجالا يوحى{[12543]} إليهم .

وقوله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } قال بعضهم : إنما خاطب به مشركي العرب ، وأمرهم أن يسألوا أهل الكتاب الذين كانوا يؤمنون بالرسل المتقدمة ليخبروكم أنه لم تجعل الرسالة فيهم إلى عامة الخلق إلا في البشر . وقال بعضهم : إنما خاطب به من كفر من أهل الكتاب من لا يعرف الكتاب وغيره بمحمد أن اسألوا أهل الذكر أي من آمن منهم ليخبروكم أن محمدا رسول الله إليكم { إن كنتم لا تعلمون } أنتم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة . والتأويل الأول في جميع الرسل .


[12542]:في الأصل: جعلنا، في م: جعلها.
[12543]:انظر معجم القراءات القرآنية ج4/130.