في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

والبحر المسجور : المملوء . وهو أنسب شيء يذكر مع السماء في مشهد . في انفساحه وامتلائه وامتداده . وهو آية فيها رهبة ولها روعة . تؤهلانه للذكر مع هذه المشاهد المقسم بها على الأمر العظيم . وقد يكون معنى المسجور : المتقد . كما قال في سورة أخرى : ( وإذا البحار سجرت )أي توقدت نيرانا . كما أنه قد يشير إلى خلق آخر كالبيت المرفوع يعلمه الله .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

{ والبحر المسجور } أي المملوء ماء . يقال : سجر النهر ، ملأه . وهو البحر المحيط ؛ والمراد الجنس . وقيل : الموقد نارا عند قيام الساعة ؛ كما قال تعالى : " وإذا البحار سجرت " {[330]} . أي أوقدت نارا ؛ من سجر التنور يسجره

سجرا ، أحماه . وصف البحر بذلك إعلاما بأن البحار عند فناء الدنيا تحمى بنار من تحتها فتتبخر مياهها ، وتندلع النار في تجاويفها وتصير كلها حمما .


[330]:آية 6 التكوير.
 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

{ والبحر المسجور } أي الموقد ناراً .

أخرج ابن جرير ، وابن المنذر . وابن أبي حاتم . وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب قال : قال علي كرم الله تعالى وجهه لرجل من اليهود : أين موضع النار في كتابكم ؟ قال : البحر فقال كرم الله تعالى وجهه : ما أراه إلا صادقاً ، وقرأ { والبحر المسجور } { وَإِذَا البحار سُجّرَتْ } [ التكوير : 6 ] وبذلك قال مجاهد . وشمر بن عطية . والضحاك . ومحمد بن كعب . والأخفش ، وقال قتادة : المسجور المملوء يقال : سجره أي ملأه ، والمراد به عند جمع البحر المحيط ، وقيل : بحر في السماء تحت العرش ، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم وغيره عن علي كرم الله تعالى وجهه ، وابن جرير عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وفي «البحر » إنهما قالا فهي ماء غليظ ، ويقال له : بحر الحياة بمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحاً فينبتون في قبورهم ، وأخرج أبو الشيخ عن الربيع أنه الملأ الأعلى الذي تحت العرش وكأنه أراد به الفضاء الواسع المملوء ملائكة ، وعن ابن عباس { المسجور } الذي ذهب ماؤه ، وروى ذو الرمة الشاعر ، وليس له كما قيل حديث غير هذا عن الحبر قال : خرجت أمة لتستقي فقالت : إن الحوض مسجور أي فارغ فيكون من الأضداد ، وحمل كلامه رضي الله تعالى عنه على إرادة البحر المعروف ، وأن ذهاب مائه يوم القيامة ، وفي رواية عنه أنه فسره بالمحبوس ، ومنه ساجور الكلب وهي القلادة التي تمسكه وكأنه عني المحبوس من أن يفيض فيغرق جميع الأرض ، أو يغيض فتبقى الأرض خالية منه ، وقيل : { المسجور } المختلط ، وهو نحو قولهم للخليل المخالط : سجير ، وجعله الراغب من سجرت التنور لأنه سجير في مودّة صاحبه ، والمراد بهذا الاختلاط تلاقي البحار بمياهها واختلاط بعضها ببعض ، وعن الربيع اختلاط عذبها بملحها ، وقيل : احتلاطها بحيوانات الماء ، وقيل : المفجور أخذاً من قوله تعالى : { وَإِذَا البحار فُجّرَتْ } [ الانفطار : 3 ] ويحامله ما أخرجه ابن المنذر عن ابن عباس من تفسيره بالمرسل ، وإذا اعتبر هذا مع ما تقدم عنه آنفاً من تفسير بالمحبوس يكون من الأضداد أيضاً ، وقال منبه بن سعيد : هو جهنم سميت بحراً لسعتها وتموجها ، والجمهور على أن المراد به بحر الدنيا وبه أقول وبأن المسجور بمعنى الموقد ، ووجه التناسب بين القرائين بعد تعين ما سيق له الكلام لائح ، وهو ههنا إثبات تأكيد عذاب الآخرة وتحقيق كينونته ووقوعه ، فأقسم سبحانه له بأمور كلها دالة على كمال قدرته عز وجل مع كونها متعلقة بالمبدأ والمعاد ، فالطور لأنه محل مكالمة موسى عليه والسلام ، ومهبط آيات البدأ والمعاد يناسب حديث إثبات المعاد وكتاب الأعمال كذلك مع الإيمان إلى أن إيقاع العذاب عدل منه تعالى فقد تحقق ، ودون في { الكتاب } ما يجر إليه قبل ، { والبيت المعمور } لأنه مطاف الرسل السماوية ، ومظهر لعظمته تعالى ، ومحل لتقديسهم وتسبيحهم إياه جل وعلا ، { والسقف المرفوع } لأنه مستقرهم ومنه تنزل الآيات ، وفيه الجنة : { والبحر المسجور } لأنه محل النار ، وإذا حمل الكتاب على التوراة كان التناسب مع ما قبله حسب النظر الجليل أظهر ولم يحمله عليها كثير لزعم أن { الرق المنشور } لا يناسبها لأنها كانت في الألواح ، ولا يخفى عليك أن شيوع الرق فيما يكتب فيه الكتاب مطلقاً يضعف هذا الزعم في الجملة ، ثم إن المعروف أن التوراة لا يكتبها اليهود اليوم إلا في رق وكأنهم أخذوا ذلك من أسلافهم ، وقال الإمام : يحتمل أن تكون الحكمة في القسم بالطور .

والبيت المعمور . والبحر المسجور أنها أماكن خلوة لثلاثة أنبياء مع ربهم سبحانه ، أما الطور فلموسى عليه السلام وقد خاطب عنده ربه عز وجل بما خاطب ، وأما البيت المعمور فلرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال عنده : «سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لا أحصي ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك » وأما البحر : فليونس عليه السلام قال فيه : { لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سبحانك إِنّى كُنتُ مِنَ الظالمين } [ الأنبياء : 87 ] فلشرفها بذلك أقسم الله تعالى بها ، وأما ذكر { أُمُّ الكتاب } فلأن الأنبياء كان لهم في هذه الأماكن كلام والكلام في الكتاب ، وأما ذكر السقف المرفوع فلبيان رفعة البيت المعمور ليعلم عظمة شأن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر وجهاً آخر ، ولعمري إنه لم يأت بشيء فيهما ، والواو الأولى للقسم وما بعدها على ما قال أبو حيان للعطف . والجملة المقسم عليها قوله تعالى : والجملة المقسم عليها قوله تعالى : { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ } .

/خ1

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

{ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ } أي : المملوء ماء ، قد سجره الله ، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض ، مع أن مقتضى الطبيعة ، أن يغمر وجه الأرض ، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان ، ليعيش من على وجه الأرض ، من أنواع الحيوان وقيل : إن المراد بالمسجور ، الموقد الذي يوقد [ نارا ] يوم القيامة ، فيصير نارا تلظى ، ممتلئا على عظمته وسعته من أصناف العذاب .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

قوله : { والبحر المسجور } وكذلك يقسم الله بالبحر المسجور . أي الموقد المتأجج نارا . وذلك كائن يوم القيامة ، إذ تجتمع البحار لتصبح بحرا واحدا هائلا هادرا ثم يسجّر أي تضرم مياهه فتصير نارا متأججة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلۡبَحۡرِ ٱلۡمَسۡجُورِ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

عن الحسن في قوله: {والبحر المسجور} قال: المملوء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَالبَحْرِ المَسْجُورِ "اختلف أهل التأويل في معنى البحر المسجور؛

فقال بعضهم: الموقد. وتأوّل ذلك: والبحر الموقد المحمّي... قال: قال ابن زيد، في قوله: "وَالبَحْرِ المَسْجُورِ" قال: الموقد، وقرأ قول الله تعالى: "وَإذَا البِحارُ سُجّرَتْ" قال: أوقدت.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وإذا البحار مُلئت، وقال: المسجور: المملوء...

وقال آخرون: بل المسجور: الذي قد ذهب ماؤه...

وقال آخرون: المسجور: المحبوس...

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: والبحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض، وذلك أن الأغلب من معاني السجر: الإيقاد، كما يقال: سجرت التنور، بمعنى: أوقدت، أو الامتلاء على ما وصفت...

فإذا كان ذلك الأغلب من معاني السّجْر، وكان البحر غير مُوقَد اليوم، وكان الله تعالى ذكره قد وصفه بأنه مسجور، فبطل عنه إحدى الصفتين وهو الإيقاد، صحّت الصفة الأخرى التي هي له اليوم، وهو الامتلاء، لأنه كلّ وقت ممتلئ.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{والبحر المسجور} قال أهل الأدب: هو البحر الملآن الحارّ لأنه، جل وعلا، منذ أنشأه حارًّا ممتلئا عميقا، لم يتغيّر في وقت من الأوقات ولا في حال من الأحوال. بل كان على حالة واحدة حارًّا مالحا ممتلئا عميقا عريضا، ليس كسائر الأنهار التي ربما تتغير عن جهتها من قلة الماء وسكونه وغورِها في الأرض وامتلائها من الطين وحاجتها إلى الحفر وغير ذلك من التغيّر الذي يكون بها.

فأما البحر فهو على حالة واحدة في الأحوال كلها.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{المسجور}...

الموقد ناراً...

{المسجور} المملوء. وهذا معروف في اللغة. ورجحه الطبري بوجود نار البحر كذلك، وإلى هذا يعود القول الأول لأن قولهم: سجرت التنور معناه: ملأتها بما يحترق ويتقد.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} أي: المملوء ماء، قد سجره الله، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض، مع أن مقتضى الطبيعة، أن يغمر وجه الأرض، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان، ليعيش من على وجه الأرض، من أنواع الحيوان.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

وممّا يلفت النظر أنّ المفسّرين لم يتناولوا بالبحث علاقة هذه الأقسام الخمسة فيما بينها، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الأقسام الثلاثة الأول بينها ارتباط وعلاقة، لأنّها جميعاً تتحدّث عن الوحي وخصوصياته، فالطور محلّ نزول الوحي، والكتاب المسطور إشارة إلى الكتاب السماوي أيضاً، سواءً كان التوراة أو القرآن، والبيت المعمور هو محلّ ذهاب وإيّاب الملائكة ورُسِل وحي الله. أمّا القَسَمان الآخران فيتحدّثان عن الآيات التكوينية في مقابل الأقسام الثلاثة التي كانت تتحدّث عن الآيات التشريعيّة. وهذان القَسَمان واحد منهما يشير إلى أهمّ دلائل التوحيد وعلائمه وهو «السماء» بعظمتها، والآخر يشير واحد من علائم المعاد المهمّة ودلائله، وهو الواقع بين يدي القيامة!. فبناءً على هذا فإنّ التوحيد والنبوّة والمعاد جمعت في هذه الأقسام [أو الأيْمان] الخمسة.