في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

وكذلك إطعام المسكين ذي المتربة - أي اللاصق بالتراب من بؤسه وشدة حاله - في يوم المسغبة يقدمه السياق القرآني خطوة في سبيل اقتحام العقبة ، لأنه محك للمشاعر الإيمانية من رحمة وعطف وتكافل وإيثار ، ومراقبة لله في عياله ، في يوم الشدة والمجاعة والحاجة . وهاتان الخطوتان : فك الرقاب وإطعام الطعام كانتا من إيحاءات البيئة الملحة ، وإن كانت لهما صفة العموم ، ومن ثم قدمها في الذكر . ثم عقب بالوثبة الكبرى الشاملة :

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ ذا متربة } أي حاجة وافتقار شديد . مصدر ميمي ؛ من ترب الرجل – من باب طرب – إذا افتقر ؛ كأنه لصق بالتراب من الفقر ، وليس له مأوى سوى التراب . وأما أترب فمعناه استغنى ؛ كأنه صار له مال كالتراب في الكثرة ؛ كما قيل في أثرى .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني فقيرا قد التصق ظهره بالتراب من العرى ، وشدة الحاجة ، فيستحي أن يخرج ، فيسأل الناس...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "ذَا مَتْرَبَةٍ" ؛

فقال بعضهم : عُنِي بذلك : ذو اللصوق بالتراب ...

وقال آخرون : بل هو المحتاج ، كان لاصقا بالتراب ، أو غير لاصق وقالوا : إنما هو من قولهم : تَرِب الرجل : إذا افتقر ...

وقال آخرون : بل هو ذو العيال الكثير الذين قد لصقوا بالتراب من الضرّ وشدّة الحاجة ...

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال : عُنِي به : أو مسكينا قد لصق بالتراب من الفقر والحاجة ، لأن ذلك هو الظاهر من معانيه ، وأن قوله : "مَتْرَبَةٍ" إنما هي «مَفْعَلة » من تَرِب الرجل : إذا أصابه التراب . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي ألصق بطنه بالتراب ، وقيل : ليس له شيء يحجبه عن التراب ... فكفايته تلزم الخلق جملة . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي مسكينا قد لصق بالتراب من فقره وضره ، فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ أو مسكيناً } أي شخصاً لا كفاية له { ذا متربة } أي حاجة مقعدة له على التراب ، لا يقدر على سواه ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وكذلك إطعام المسكين ذي المتربة - أي اللاصق بالتراب من بؤسه وشدة حاله - في يوم المسغبة يقدمه السياق القرآني خطوة في سبيل اقتحام العقبة ، لأنه محك للمشاعر الإيمانية من رحمة وعطف وتكافل وإيثار ، ومراقبة لله في عياله ، في يوم الشدة والمجاعة والحاجة ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

واعلم أنه إن كان المراد بالإنسان الجنس المخصوص ، أي المشركين كان نفي فكّ الرقاب والإِطعام كنايةً عن انتفاء تحلّيهم بشرائع الإِسلام لأن فكّ الرقاب وإطعام الجياع من القُربات التي جاء بها الإِسلام من إطعام الجياع والمحاويج وفيه تعريض بتعيير المشركين بأنهم إنما يحبون التفاخر والسمعة وإرضاء أنفسهم بذلك ، أو لمؤانسة الأخلاّء وذلك غالب أحوالهم ، أي لم يطعموا يتيماً ولا مسكيناً في يوم مسغبة ، أي هو الطعام الذي يرضاه الله لأن فيه نفع المحتاجين من عباده . وليس مثل إطعامكم في المآدب والولائم والمنادمة التي لا تعود بالنفع على المطعَمين لأن تلك المطاعم كانوا يدْعُون لها أمثالهم من أهل الجِدة دون حاجة إلى الطعام وإنما يريدون المؤانسة أو المفاخرة ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

قيل : المسكين من السكون وقلة الحركة ، والمتربة : اللصوق بالتراب .

تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :

المسكين : هو الذي لا يجد قوته ولا قوت عياله . المتربة : مكان التراب ، والمعنى : أنه مسكين ليس بيديه شيء إلا التراب . ومعلوم أنه إذا قيل عن الرجل : ليس عنده إلا التراب ، فالمعنى : أنه فقير جداً ليس عنده طعام ، وليس عنده كساء ، وليس عنده مال فهو مسكين ذو متربة . ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وإذا كانت السورة مكيّةً ، كما هو المعروف ، فإن التأكيد على المسألة الاجتماعية في عتق الرقيق وفي إطعام الطعام ، يبدو مبكّراً كمدخلٍ للتخطيط الواسع لهذا الاتجاه في شريعة هذا الدين الجديد ، الذي ستتحرك تفاصيله في مستقبله في حلّ المشكلة الإنسانية المعقدة ، ليوحي للناس بالحياة الواقعية التي يستريح إليها الإنسان . إنها الإشارات الأولى التي تفتح المسألة العقيدية على المسألة الاجتماعية في ما خطط الله له من تدريجية التشريع . ...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ أو مسكينا ذا متربة } أي ذا فقر قد لصق من فقره بالتراب

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

قوله تعالى : " أو مسكينا ذا متربة " أي لا شيء له ، حتى كأنه قد لصق بالتراب من الفقر ، ليس له مأوى إلا التراب . قال ابن عباس : هو المطروح على الطريق ، الذي لا بيت له . مجاهد : هو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره . وقال قتادة : إنه ذو العيال . عكرمة : المديون . أبو سنان : ذو الزمانة . ابن جبير : الذي ليس له أحد . وروى عكرمة عن ابن عباس : ذو المتربة البعيد التربة ، يعني الغريب البعيد عن وطنه . وقال أبو حامد الخارزنجي : المتربة هنا : من التَّريب ، وهي شدة الحال . يقال ترب : إذا افتقر . قال الهذلي :

وكنا إذا ما الضيفُ حلَّ بأرضنا *** سفكنا دماءَ البُدْنِ في تُرْبَةِ الحالِ

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : " فكَّ " بفتح الكاف ، على الفعل الماضي . " رقبة " نصبا لكونها مفعولا " أو أَطعم " بفتح الهمزة نصب الميم ، من غير ألف ، على الفعل الماضي أيضا ؛ لقوله : " ثم كان من الذين آمنوا " فهذا أشكل ب " فك وأطعم " . وقرأ الباقون : " فك " رفعا ، على أنه مصدر فككت . " رقبة " خفض بالإضافة . " أو إطعام " بكسر الهمزة وألف ورفع الميم وتنوينها على المصدر أيضا . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنه تفسير لقوله تعالى : " وما أدراك ما العقبة " ؟ ثم أخبره فقال : " فك رقبة أو إطعام " . المعنى : اقتحام العقبة : فك رقبة أو إطعام . ومن قرأ بالنصب فهو محمول على المعنى ، أي ولا فك رقبة ، ولا أطعم في يوم ذا مسغبة ، فكيف يجاوز العقبة . وقرأ الحسن وأبو رجاء : " ذا مسغبة " بالنصب على أنه مفعول " إطعام " أي يطعمون ذا مسغبة و " يتيما " بدل منه . الباقون " ذي مسغبة " فهو صفة ل " يوم " . ويجوز أن يكون قراءة النصب صفة لموضع الجار والمجرور لأن قوله : " في يوم " ظرف منصوب الموضع ، فيكون وصفا له على المعنى دون اللفظ .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ أو مسكينا ذا متربة } أي : ذا حاجة ، يقال ترب الرجل إذا افتقر وهو مأخوذ من الصدقة بالتراب وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه الذي مأواه المزابل " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ} (16)

{ أو مسكيناً } أي شخصاً لا كفاية له { ذا متربة * } أي حاجة مقعدة له على التراب ، لا يقدر على سواه ، فالآية من الاحتباك : ذكر القرب أولاً يدل على ضده ثانياً ، وذكر المتربة ثانياً يدل على ضدها أولاً ، وسر ذلك أنه ذكر في اليتيم القرب المعطف ، وفي المسكين الوصف المرقق الملطف ، فهو لا يقصد بإطعامه إلا سد فاقته ، ودخل فيه اليتيم البعيد والفقير من باب الأولى وإن كان أجنبياً .