في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

ويعقب على الحديث عن ولاية الظالمين بعضهم لبعض وولاية الله للمتقين ؛ وعن طبيعة هذا القرآن بالقياس إلى المتقين ، وأنه بصائر وهدى ورحمة لأهل اليقين . يعقب على هذا الحديث بالتفرقة الحاسمة بين حال الذين يجترحون السيئات وحال الذين يعملون الصالحات وهم مؤمنون . ويستنكر أن يسوى بينهم في الحكم ، وهم مختلفون في ميزان الله . والله قد أقام السماوات والأرض على أساس الحق والعدل ؛ والحق أصيل في تصميم هذا الكون .

( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات . سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . وخلق الله السماوات والأرض بالحق ، ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ) . .

ويجوز أن يكون الحديث هنا عن أهل الكتاب ، الذين انحرفوا عن كتابهم ، واجترحوا السيئات ، وظلوا يحسبون أنفسهم في صفوف المؤمنين ، ويجعلون أنفسهم أكفاء للمسلمين الذين يعملون الصالحات ، أنداداً لهم في تقدير الله سواء في الحياة أو بعد الممات . أي عند الحساب والجزاء . . كما يجوز أن يكون حديثاً عاماً بقصد بيان قيم العباد في ميزان الله . ورجحان كفة المؤمنين أصحاب العمل الصالح ؛ واستنكار التسوية بين مجترحي السيئات وفاعلي الحسنات ، سواء في الحياة أو في الممات . ومخالفة هذا للقاعدة الثابتة الأصيلة في بناء الوجود كله . قاعدة الحق . الذي يتمثل في بناء الكون ، كما يتمثل في شريعة الله . والذي يقوم به الكون كما تقوم به حياة الناس . والذي يتحقق في التفرقة بين المسيئين والمصلحين في جميع الأحوال ؛ وفي مجازاة كل نفس بما كسبت من هدى أو ضلال ؛ وفي تحقيق العدل للناس أجمعين : ( وهم لا يظلمون ) . .

ومعنى أصالة الحق في بناء الكون ، وارتباطه بشريعة الله للبشر ، وحكمه عليهم يوم الحساب والجزاء ، معنى يتكرر في القرآن الكريم ، لأنه أصل من أصول هذه العقيدة ، تجتمع عليه مسائلها المتفرقة ، وترجع إليه في الأنفس والآفاق ، وفي ناموس الكون وشريعة البشر . وهو أساس " فكرة الإسلام عن الكون والحياة والإنسان "

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

ولذلك يقول تعالى :

{ وَخَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

وفي هذه الآية تعليل قويّ لنفي المساواة بين المحسن والمسيء ، وهو أن تُجزى كل نفس بما كسبت من خير أو شر { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

قوله تعالى : " وخلق الله السماوات والأرض بالحق " أي بالأمر الحق . " ولتجزى " أي ولكي تجزى . " كل نفس بما كسبت " أي في الآخرة . " وهم لا يظلمون " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

ولما أنكر التسوية وذمهم على الحكم بها ، أتبع ذلك الدليل القطعي على أن الفريقين لا يستويان وإلا لما كان الخالق لهذا الوجود عزيزاً ولا حكيماً ، فقال دالاً على إنكار التسوية وسوء حكمهم بها ، عاطفاً على ما تقديره : فقد خلق الله الناس كلهم بالحق وهو الأمر الثابت الذي يطابقه{[58136]} الواقع ، وهو ثبات أعمال المحسنين وبطلان أفعال{[58137]} المسيئين ، عطف عليه قوله : { وخلق الله } أي الذي له جميع أوصاف الكمال ولا يصح ولا يتصور أن يلحقه نوع نقص { السماوات والأرض } اللتين هما ظرف لكم وابتدئت السورة-{[58138]} بالتنبيه على آياتهما ، خلقاً ملتبساً{[58139]} { بالحق } فلا يطابق الواقع فيهما أبداً-{[58140]} شيئاً باطلاً ، فمتى وجد سبب الشيء وانتفى مانعه وجد ، ومتى وجد مانع الشيء وانتفى سببه انتفى ، لا يتخلف ذلك أصلاً ، ولذلك جملة ما وقع من خلقهما طابقه الواقع الذي هو{[58141]} قدرة الله وعلمه وحكمته وجميع ما له من صفات الكمال التي دل خلقهما{[58142]} عليها ، فإذا كان الظرف على هذا الإحكام فما الظن بالمظروف الذي ما خلق الظرف إلا من أجله ، هل{[58143]} يمكن في الحكمة أن يكون على غير ذلك فيكون الواقع الذي هو تفضيل المحسن على المسيء غير مطابق لأحوالهم ، ومن جملة المظروف ما بينهما فلذا{[58144]} لم يذكر هنا ، ولو كان-{[58145]} ذلك من غير بعث ومجازاة{[58146]} بحسب الأعمال{[58147]} لما كان هذا الخلق العظيم بالحق بل بالباطل الذي تعالى{[58148]} عنه الحكيم فكيف وهو أحكم الحاكمين .

ولما كان التقدير : ليكون كل مسبب مطابقاً لأسبابه ، عطف عليه قوله : { ولتجزى } بأيسر أمر-{[58149]} { كل نفس } أي منكم ومن غيركم { بما } أي بسبب الأمر الذي . ولما كان السياق للعموم ، وكان المؤمن لا يجزى إلا بما عمله{[58150]} على عمد منه وقصد ليكتب في أعماله ، عبر-{[58151]} بالكسب الذي هو أخص من العمل فقال : { كسبت } أي{[58152]} كسبها من خير أو شر ، فيكون ما وقع الوعد به مطابقاً لكسبها { وهم } أي والحال أنهم { لا يظلمون * } أي لا يوجد من {[58153]}موجد ما{[58154]} في وقت{[58155]} من الأوقات جزاء لهم في غير موضعه ، وهذا على-{[58156]} ما جرت به عوائدكم في العدل والفضل ، ولو وجد منه سبحانه غير ذلك لم يكن ظلماً منه ؛ لأنه المالك المطلق والملك الأعظم ، فلو عذب{[58157]} أهل سماواته وأهل أرضه كلهم لكان غير ظالم لهم في نفس الأمر ، فهذا{[58158]} الخطاب إنما هو على ما{[58159]} نتعارفه{[58160]} من إقامة الحجة بمخالفة{[58161]} الأمر .


[58136]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لا يطابقه.
[58137]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: اعمال.
[58138]:زيد من م ومد.
[58139]:في ظ متلبسا.
[58140]:زيد من م ومد.
[58141]:زيد في الأصل: تفصيل المحسن، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[58142]:من م، وفي الأصل ومد: خلقها.
[58143]:من ظ و م ومد، وفي الأصل:ما.
[58144]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فلذلك.
[58145]:زيد من م ومد.
[58146]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مجاوزة.
[58147]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م ومد فحذفناها.
[58148]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يتعالى.
[58149]:زيد في الأصل و ظ و م: وهو، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[58150]:زيد من م ومد.
[58151]:زيد من م ومد.
[58152]:في م و مد: أو.
[58153]:في الأصل و ظ بياض ملأناه من م ومد.
[58154]:في الأصل و ظ بياض ملأناه من م ومد.
[58155]:في الأصل و ظ: ما، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[58156]:زيد من م ومد.
[58157]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عذاب.
[58158]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: وهذا.
[58159]:في الأصل و ظ بياض ملأناه من م ومد.
[58160]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: متعارفة.
[58161]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: مخالفة.