اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (22)

قوله تعالى : { وخلق الله السموات والأرض بالحق } لما بين أن المؤمن لا يساوي الكافر في درجات السَّعادة أتبعه بالدلائل الظاهرة على صحة هذه الفتوى فقال : { وَخَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق } أي لو لم يوجد البعث لما كان ذلك بالحق بل كان بالباطل ؛ لأنه تعالى لو خلق الظالم وسلطه على المظلوم الضعيف ولا ينتقم للمظلوم من الظالم كان ظالماً ، ولو كان ظالماً لبطل أنه ما خلق السموات والأرض إلا بالحق{[50691]} . وتقدم تقريره في سورة يُونُس .

قوله : «بِالْحَقِّ » فيه ثلاثة أوجه إما حال من الفاعل ، أو من المفعول أو الباء للسببية{[50692]} .

قوله : «وَلتُجْزَى » فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يكون عطفاً على «بالحق » في المعنى ، لأن كلاًّ منهما سبب فعطف الصلة على مثلها .

الثاني : أنها معطوفة على معلل محذوف ، والتقدير : خَلَقَ اللهُ السمواتِ والأَرْضَ ليدل بها على قدرته ولتجزى كل نفس والمعنى أن المقصود من خلق هذا العالم إظهار العدل والرحمة ، وذلك لا يتم إلاَّ إذا حصل البعث والقيامة ، وحصل التفاوت بين الدَّركات والدرجات بين المحقين والمبطلين{[50693]} .

الثالث : أن تكون لام الصيرورة ، أي وصار الأمر منها من اهتدى بها قوم وظلَّ عنها آخرون{[50694]} .


[50691]:قاله الرازي 27/268.
[50692]:بيان ابن الأنباري 2/365 والدر المصون 4/838.
[50693]:ذكر هذين الوجهين الرازي في تفسيره لفظا 27/268 نقلا عن الكشاف معنى 3/512 وانظر الدر المصون 4/839 و838.
[50694]:نقل هذا الوجه أبو حيان في بحره 8/48 عن ابن عطية.