قوله تعالى : " أم لم ينبأ بما في صحف موسى . وإبراهيم " أي صحف " وإبراهيم الذي وفى " كما في سورة " الأعلى{[14415]} " " صحف إبراهيم وموسى " [ الأعلى : 19 ] أي لا تؤخذ نفس بدلا عن أخرى ، كما قال " أن لا تزر وازرة وزر أخرى " وخص صحف إبراهيم وموسى بالذكر ؛ لأنه كان ما بين نوح وإبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة{[14416]} أخيه وابنه وأبيه ، قاله الهذيل بن شرحبيل . وقرأ سعيد بن جبير وقتادة " وفَى " خفيفة ومعناها صدق في قوله وعمله ، وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة " وفّى " بالتشديد أي قام بجميع ما فرض عليه فلم يخرم منه شيئا . وقد مضى في " البقرة{[14417]} " عند قوله تعالى : " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن " [ البقرة : 124 ] والتوفية الإتمام . وقال أبو بكر الوراق : قام بشرط ما ادعى ، وذلك أن الله تعالى قال له : " أسلم قال أسلمت لرب العالمين{[14418]} " [ البقرة : 131 ] فطالبه الله بصحة دعواه ، فابتلاه في ماله وولده ونفسه فوجده{[14419]} وافيا بذلك ، فذلك قوله : " وإبراهيم الذي وفى " أي ادعى الإسلام ثم صحح دعواه . وقيل : وفّى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار ، رواه الهيثم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى سهل بن سعد الساعدي عن أبيه ( ألا أخبركم لم سمى الله تعالى خليله إبراهيم " الذي وفى " لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون{[14420]} " [ الروم : 17 ] ) الآية . ورواه سهل بن معاذ عن أنس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : " وفى " أي وفى ما أرسل به ، وهو قوله : " أن لا تزر وازرة وزر أخرى " قال ابن عباس : كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره ، ويأخذون الولي بالولي في القتل والجراحة ، فيقتل الرجل بأبيه وابنه وأخيه وعمه وخاله وابن عمه وقريبه وزوجته وزوجها وعبده ، فبلغهم إبراهيم عليه السلام عن الله تعالى : " أن لا تزر وازرة وزر أخرى " وقال الحسن وقتادة وسعيد بن جبير في قوله تعالى " وفى " : عمل بما أمر به وبلغ رسالات ربه . وهذا أحسن ؛ لأنه عام . وكذا قال مجاهد : " وفى " بما فرض عليه . وقال أبو مالك الغفاري قوله تعالى : " أن لا تزر وازرة وزر أخرى " إلى قوله : " فبأي آلاء ربك تتمارى " [ النجم : 55 ] في صحف إبراهيم وموسى ، وقد مضى في آخر " الأنعام{[14421]} " القول في " ولا تزر وازرة وزر أخرى " [ الأنعام : 164 ] مستوفى .
ولما قدم كتاب موسى عليه السلام لكونه أعظم كتاب بعد القرآن مع أنه موجود بين الناس يمكن مراجعته ، قال : { وإبراهيم } ومدحه بقوله دالاً بتشديد الفعل على غاية الوفاء : { الذي وفى } أي أتم ما أمر به وما امتحن به وما قلق شيئاً من قلق ، وكان أول من هاجر قومه وصبر على حر ذبح الولد وكذا على حر النار ولم يستعن بمخلوق ، وخص هذين النبيين لأن المدعين من بني إسرائيل اليهود والنصارى يدعون متابعة عيسى عليه السلام ، ومن العرب يدعون متابعة إبراهيم عليه السلام ، ومن عداهم لا متمسك لهم ولا سلف في نبوة محققة ولا شريعة محفوظة ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.