السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ} (37)

وقدم صحف موسى عليه السلام على قوله : { وإبراهيم } أي : وصحفه لأنّ كتاب موسى عليه السلام أعظم كتاب بعد القرآن مع أنه موجود بين الناس تمكن مراجعته ، ثم مدح إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى : { الذي وفى } أي : أتم ما أمر به من ذلك تبليغ الرسالة واستقلاله بأعباء النبوة وقيامه بأضيافه وخدمتهم إياه بنفسه ، وإنه كان يخرج كل يوم فيمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً فإن وافقه أكرمه وإلا نوى الصوم وعن الحسن : ما أمر الله تعالى بشيء إلا وفى به وصبر على ما امتحن به ، وما قلق شيئاً من قلق وصبر على حر ذبح الولد وعلى حر النار ولم يستعن بمخلوق بل قال لجبريل عليه السلام لما قال له : ألك حاجة قال : أما إليك فلا وقال الضحاك : وفي المناسك ، وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال «إبراهيم الذي وفى أربع ركعات من أول النهار » وهي صلاة الضحى وروي «ألا أخبركم لم سمى الله خليله الذي وفى كان يقول : إذا أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون إلى تظهرون » وقيل : وفى سهام الإسلام وهي ثلاثون عشرة في التوبة { التائبون . . . } [ التوبة : 112 ] ، وعشرة في الأحزاب { إنّ المسلمين . . . } [ الأحزاب : 35 ] ، وعشرة في المؤمنون ، { قد أفلح المؤمنون } [ المؤمنون : 1 ] وخص هذين النبيين لأنّ الموعودين من بني إسرائيل اليهود والنصارى يدعون متابعة موسى عليه السلام ، ومن العرب يدعون متابعة إبراهيم عليه السلام ومن عداهم لا متمسك لهم ولا سلف في نبوّة محققة ولا شريعة محفوظة ، وقرأ هشام بفتح الهاء وألف بعدها والباقون بكسر الهاء وياء بعدها .