اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ} (37)

قوله : «وَإِبْرَاهِيمَ » عطف على «موسى » ، أي وصحف إبراهيم ، لقوله في سورة الأعلى : { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وموسى } [ الأعلى : 19 ] .

وإنما خص هذين النبيين بالذكر ، لأنه كان بين إبراهيم وموسى يؤخذ الرجلُ بجريرة غيره فأول من خالفهم إبراهيم{[53673]} قاله الهذيل بن شُرَحْبِيل . والعامة على وَفَّى بالتشديد . وقرأ أبو أُمامة الباهلي وسعيدُ بن جبير وابن السَّمَيْقَع : وَفَى مخففاً{[53674]} . وقد تقدم أن فيه ثلاثَ لغات{[53675]} . وأطلق التوفية والوفاء ليتناولا كل ما وفى به والمعنى تَمَّ وأكمل ما أُمِرَ به .

قال الحسن وسعيد بن جبير وقتادة : عمل ما أمر به ، وبلغ رسالةَ ربه إلى خلقه . وقال مجاهد : وفى بما فرض عليه . وقال الربيع : وفى رُؤْياه وقام بذبح ابْنه . وقال عطاء الخراساني : استكمل الطاعة . وقال أبو العالية : هو الإتمام في قوله تعالى : { وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } [ البقرة : 124 ] والتوفية الإتمام . وقال الضحاك : وفَّى المناسك . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : «إبرَاهِيمُ الَّذِي وَفَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ »{[53676]} .


[53673]:حكاه القرطبي في الجامع 17/113.
[53674]:القرطبي 17/113 السابق والإتحاف 403.
[53675]:وفَى ووفّى وأوفى فمن قال: وفى فإنه يقول: تم كقولك: وفي لنا فلان ومن قال أوفى معناه أوفاني حقي أي أتمه ولم ينقص منه شيئا ووفى أبلغ من وفى، فالذي اختُبر به إبراهيم من أعظم المحن. بتصرف من اللسان وفي 4885.
[53676]:أسنده البغوي إلى أبي أمامة وانظر البغوي 6/268.