الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ} (37)

{ وفى } قرىء مخففاً ومشدّداً ، والتشديد مبالغة في الوفاء . أو بمعنى : وفر وأتم ، كقوله تعالى : { فَأَتَمَّهُنَّ } [ البقرة : 124 ] وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية ، من ذلك : تبليغه الرسالة ، واستقلاله بأعباء النبوّة ، والصبر على ذبح ولده وعلى نار نمروذ ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم بنفسه ، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشي فرسخاً يرتاد ضيفاً ، فإن وافقه أكرمه ، وإلا نوى الصوم . وعن الحسن : ما أمره الله بشيء إلا وفى به . وعن الهزيل بن شرحبيل : كان بين نوح وبين إبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة غيره ، ويقتل بأبيه وابنه وعمه وخاله ، والزوج بامرأته ، والعبد بسيده ؛ فأوّل من خالفهم إبراهيم . وعن عطاء بن السائب : عهد أن لا يسأل مخلوقاً ، فلما قذف في النار قال له جبريل وميكائيل : ألك حاجة ؟ فقال . أمّا إليكما فلا . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " وفّى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار ، وهي صلاة الضحى " وروى : ألا أخبركم لم سمى الله خليله { الذى وفى } ؟ كان يقول إذا أصبح وأمسى : { فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ . . . } إلى { . . . حِين تُظْهِرُونَ } [ الروم : 17 ] وقيل : وفي سهام الإسلام : وهي ثلاثون : عشرة في التوبة ( التائبون . . ) وعشرة في الأحزاب : { إِنَّ المسلمين . . . } وعشرة في المؤمنين { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون . . } وقرىء : «في صحف » ، بالتخفيف .