( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ، وأن الكافرين لا مولى لهم ) . .
ومن كان الله مولاه وناصره فحسبه ، وفيه الكفاية والغناء ؛ وكل ما قد يصيبه إنما هو ابتلاء وراءه الخير ، لا تخليا من الله عن ولايته له ، ولا تخلفا لوعد الله بنصر من يتولاهم من عباده . ومن لم يكن الله مولاه فلا مولى له ، ولو اتخذ الإنس والجن كلهم أولياء . فهو في النهاية مضيع عاجز ؛ ولو تجمعت له كل أسباب الحماية وكل أسباب القوة التي يعرفها الناس !
{ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا } فتولاهم برحمته ، فأخرجهم من الظلمات إلى النور ، وتولى جزاءهم ونصرهم ، { وَأَنَّ الْكَافِرِينَ } بالله تعالى ، حيث قطعوا عنهم ولاية الله ، وسدوا على أنفسهم رحمته { لَا مَوْلَى لَهُمْ } يهديهم إلى سبل السلام ، ولا ينجيهم من عذاب الله وعقابه ، بل أولياؤهم الطاغوت ، يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
{ مولى الذين آمنوا } أي : وليهم وناصرهم وكذلك وأن الكافرين لا مولى لهم معناه لا ناصر لهم ، ولا يصح أن يكون المولى هنا بمعنى : السيد لأن الله مولى المؤمنين والكافرين بهذا المعنى ولا تعارض بين هذه الآية وبين قوله : { وردوا إلى الله مولاهم الحق } [ يونس : 30 ] لأن معنى المولى مختلف في الموضعين فمعنى مولاهم الحق ربهم وهذا على العموم في جميع الخلق بخلاف قوله : { مولى الذين آمنوا } فإنه خاص بالمؤمنين لأنه بمعنى الولي والناصر .
ولما بين أن يعلي أولياءه ويذل أعداءه ، بين علته{[59449]} فقال : { ذلك } أي الأمر العظيم الذي فعله بالفريقين { بأن الله } أي بسبب أن الملك الأعظم المحيط بصفات الكمال { مولى الذين آمنوا } أي القريب من المصدقين به المرضين له ، فهو{[59450]} يفعل معهم بما له من الجلال والجمال ما يفعل القريب بقريبه الحبيب له ، قال القشيري : ويصح أن يقال : أرجى آية في كتاب الله هذه الآية لأنه لم يقل : الزهاد والعباد وأصحاب الأوراد والاجتهاد . يعني بل ذكر أدنى أسنان أهل الإيمان . { وأن الكافرين } أي العريقين في هذا الوصف { لا مولى لهم * } بهذا المعنى ، لأنهم {[59451]}بعيدون من{[59452]} الله {[59453]}الذي لا يعبد على الحقيقة إلا هو{[59454]} ، فلا ينفعهم قرب قريب أصلاً-{[59455]} وإن كان-{[59456]} الله مولاهم بغير هذا المعنى بل بمعنى أنه سيدهم ومالكهم ، وفيه إيماء إلى أنه سبحانه وتعالى ولي من لم يكن عريقاً في الكفر فيخرجه من الظلمات إلى النور{[59457]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.