في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

( الذاريات ذروا ، فالحاملات وقرا ، فالجاريات يسرا ، فالمقسمات أمرا . . إن ما توعدون لصادق ، وإن الدين لواقع . . )

هذه الإيقاعات القصيرة السريعة ، بتلك العبارات الغامضة الدلالة ، تلقي في الحس - كما تقدم - إيحاء خاصا ، وتلقي ظلا معينا ، يعلق القلب بأمر ذي بال ، وشأن يستحق الانتباه . وقد احتاج غير واحد في العهد الأول أن يستفسر عن مدلول الذاريات ، والحاملات ، والجاريات ، والمقسمات . .

قال ابن كثير في التفسير : قال شعبة بن الحجاج ، عن سماك بن خالد بن عرعرة ، أنه سمع عليا - رضي الله عنه - وشعبة أيضا عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، أنه سمع عليا - رضي الله عنه - وثبت أيضا من غير وجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه صعد منبر الكوفة فقال : لا تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى ولا عن سنة عن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلا أنبأتكم بذلك . فقام ابن الكواء ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما معنى قوله تعالى : ( والذاريات ذروا )? قال علي - رضي الله عنه : الريح . قال : ( فالحاملات وقرا )? قال - رضي الله عنه - : السحاب . قال : ( فالجاريات يسرا )? قال - رضي الله عنه - : السفن . قال : ( فالمقسمات أمرا )? قال - رضي الله عنه - : الملائكة .

وجاء صبيغ بن عسل التميمي إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فسأله عنها فأجابه بمثل ما روي عن علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - وقد أحس عمر - رضي الله عنه - أنه يسأل عنها تعنتا وعنادا فعاقبه ومنعه من مجالسة الناس حتى تاب وحلف بالأيمان المغلظة : ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا . . وهذه الرواية تشي كذلك بأن غموض مدلولات هذه التعبيرات هو الذي جعل المتعنتين يستترون وراءها ويسألون عنها !

وهكذا فسرها ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي وغير واحد ؛ ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم غير ذلك [ كما قال ابن كثير .

أقسم الله - سبحانه - بالرياح التي تذرو ما تذروه من غبار وحبوب لقاح وسحب وغيرها مما يعلم الإنسان وما يجهل . وبالسحاب الحاملات وقرا من الماء يسوقها الله به إلى حيث يشاء . وبالسفن الجاريات في يسر على سطح الماء بقدرته وبما أودع الماء وأودع السفن وأودع الكون كله من خصائص تسمح بهذا الجريان اليسير . ثم بالملائكة المقسمات أمرا ، تحمل أوامر الله وتوزعها وفق مشيئته ، فتفصل في الشؤون المختصة بها ، وتقسم الأمور في الكون بحسبها .

والريح والسحاب والسفن والملائكة خلق من خلق الله ، يتخذها أداة لقدرته ، وستارا لمشيئته ، ويتحقق عن طريقها قدر الله في كونه وفي عباده . وهو يقسم بها - سبحانه - للتعظيم من شأنها ، وتوجيه القلوب إليها ، لتدبر ما وراءها من دلالة ؛ ولرؤية يد الله وهي تنشئها وتصرفها وتحقق بها قدر الله المرسوم . وذكرها على هذه الصورة بصفة خاصة يوجه القلب إلى أسرارها المكنونة ؛ ويعلقه بمبدع هذه الخلائق من وراء ذكرها هذا الذكر الموحي .

ثم لعل لها كذلك صلة من ناحية أخرى بموضوع الرزق ، الذي يعني سياق هذه السورة بتحرير القلب من أوهاقه ، وإعفائه من أثقاله . فالرياح والسحب والسفن ظاهرة الصلة بالرزق ووسائله وأسبابه . أما الملائكة وتقسيمها للأمر ، فإن الرزق أحد هذه القسم . ومن ثم تتضح الصلة بين هذا الافتتاح وموضوع بارز تعالجه السورة في مواضع شتى .

   
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

فالمقسّمات أمرا : الملائكة التي تحمل أوامرَ الله لتبليغها إلى رسُله .

وبالملائكة تقسِم أوامرَ الله وتبلّغُها إلى رسله الكرام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

{ فالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا } الملائكة التي تقسم الأمر وتدبره بإذن الله ، فكل منهم ، قد جعله الله على تدبير أمر من أمور الدنيا وأمور الآخرة لا يتعدى ما قدر له وما حد ورسم ، ولا ينقص منه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

< فالمقسمات أمرا } الملائكة تأتي بأمر مختلف من الخصب والجدب والمطر والموت والحوادث

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

ولما كان في غاية الدلالة على تمام القدرة بغريق محمولها في الأراضي المجتاحة ولا سيما إن تباعدت أماكن صبه ومواطن سكبه ، وكان ذلك التفريق هو-{[61296]} غاية الجري المترتب على الحمل المترتب على الذرو ، قال مسبباً معقباً مشيراً بالتفعيل ، إلى غرابة فصلها لقطراتها وبداعة تفريقها لرحمتها من عذابها{[61297]} ، وغير ذلك من أحوال الجاريات وتصريف الساريات : { فالمقسمات } أي من السحب{[61298]} بما تصرفها فيه الملائكة عليهم السلام ، وكذا السفن بما يصرفها الله به من الرياح اللينة أو{[61299]} العاصفة من سلامة وعطب وسرعة وإبطاء ، وكذا غيرهما من كل أمر تصرفه الملائكة بين العباد وتقسمه .

ولما كان المحمول مختلفاً كما تقدم ، قال جامعاً لذلك : { أمراً * } أي من الرحمة أو العذاب ، قال الرازي في اللوامع : وهذه أقسام يقسم الله بها ولا يقسم بها الخلق لأن قسم-{[61300]} الخلق استشهاد على صحة قولهم بمن يعلم السر كالعلانية وهو الله تعالى ، وقسم الخلائق إرادة تأكيد الخبر {[61301]}في نفوسهم فيقسم{[61302]} ببعض بدائع خلقه على وجه يوجب الاعتبار ويدل على توحيده ، فالرياح بهبوبها وسكونها لتأليف السحاب وتذرئة الطعام واختلاف الهواء وعصوفها مرة ولينها أخرى والسحاب بنحو وقوفها مثقلات بالماء من غير عماد وصرفها في وقت الغنى عنها بما لو دامت لأهلكت ، ولو انقطعت لم يقدر أحد على قطرة منها ، وبتفريق المطر وإلا هلك الحرث والنسل ، والسفن بتسخير البحر لجريانها وتقدير الريح لها بما لو زاد لغرق ، ولو ركد لأهلك ، والملائكة تقسم الأمور بأمر ربها ، كل ذلك دليل على وجود الصانع الحكيم ، والفاطر العليم ، القادر الماجد الكريم .


[61296]:زيد من مد.
[61297]:من مد، وفي الأصل: عداها.
[61298]:من مد، وفي الأصل: الصحاب.
[61299]:من مد، وفي الأصل "و".
[61300]:زيد من مد.
[61301]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61302]:سقط ما بين الرقمين من مد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

قال : { فالمقسمات أمرا } ؟ قال ( رضي الله عنه ) : الملائكة .