البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

{ فالمقسمات } : الملائكة ، هذا تفسير عليّ كرم الله وجهه على المنبر ، وقد سأله ابن الكوا ، قاله ابن عباس .

{ أمراً } تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها ، فأمراً مفعول به .

وقيل : مصدر منصوب على الحال ، أي مأموره ، ومفعول المقسمات محذوف .

وقال مجاهد : يتولى أمر العباد جبريل للغلظة ، وميكائيل للرحمة ، وملك الموت لقبض الأرواح ، وإسرافيل للنفخ .

وجاء في الملائكة : فالمقسمات على معنى الجماعات .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد الرياح لا غير ، لأنها تنشىء السحاب وتقله وتصرفه وتجري في الجو جرياً سهلاً ، وتقسم الأمطار بتصريف الرياح . انتهى .

فإذا كان المدلول متغايراً ، فتكون أقساماً متعاقبة .

وإذا كان غير متغاير ، فهو قسم واحد ، وهو من عطف الصفات ، أي ذرت أول هبوبها التراب والحصباء ، فأقلت السحاب ، فجرت في الجو باسطة للسحاب ، فقسمت المطر .

فهذا كقوله :

يا لهف زيابة للحارث الص *** ابح فالغانم فالآيب

أي : الذي صبح العدو فغنم منهم ، فآب إلى قومه سالماً غانماً .