الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

{ فالمقسمات أَمْراً } الملائكة ، لأنها تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها . أوتفعل التقسيم مأمورة بذلك . وعن مجاهد : تتولى تقسيم أمر العباد : جبريل للغلظة ، وميكائيل للرحمة . وملك الموت لقبض الأرواح ، وإسرافيل للنفخ . وعن عليّ رضي الله عنه أنه قال وهو على المنبر : سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ، فقام ابن الكوّاء فقال : ما الذريات ذروا ؟ قال : الرياح . قال : فالحاملات وقرا ؟ قال السحاب . قال : فالجاريات يسراً ؟ قال : الفلك . قال فالمقسمات أمراً ؟ قال : الملائكة وكذا عن ابن عباس . وعن الحسن ( المقسمات ) السحاب ، يقسم الله بها أرزاق العباد ، وقد حملت على الكواكب السبعة ، ويجوز أن يراد : الرياح لا غير ؛ لأنها تنشىء السحاب وتقله وتصرفه ، وتجري في الجو جرياً سهلاً ، وتقسم الأمطار بتصريف السحاب .

فإن قلت : ما معنى الفاء على التفسيرين ؟ قلت : أمّا على الأوّل فمعنى التعقيب فيها أنه تعالى أقسم بالرياح ، فبالسحاب الذي تسوقه ، فبالفلك التي تجريها بهبوبها ، فبالملائكة التي تقسم الأرزاق بإذن الله من الأمطار وتجارات البحر ومنافعه . وأمّا على الثاني ، فلأنها تبتدىء بالهبوب ، فتذرو التراب والحصباء ، فتنقل السحاب ، فتجري في الجوّ باسطة له فتقسم المطر .