في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

وموقف هؤلاء المقربين إلى الله ، الأبرياء من الذنب والمعصية . موقفهم هكذا صامتين لا يتكلمون إلا بإذن وبحساب . . يغمر الجو بالروعة والرهبة والجلال والوقار . وفي ظل هذا المشهد تنطلق صيحة من صيحات الإنذار ، وهزة للنائمين السادرين في الخمار :

ذلك اليوم الحق . فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا . إنا أنذرناكم عذابا قريبا : يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ، ويقول الكافر : يال ليتني كنت ترابا . .

إنها الهزة العنيفة لأولئك الذين يتساءلون في ارتياب : ( ذلك اليوم الحق ) . . فلا مجال للتساؤل والاختلاف . . والفرصة ما تزال سانحة ! ( فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ) . . قبل أن تكون جهنم مرصادا ومآبا !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

مآبا : مرجعا .

ثم بيّن الله تعالى أن ذلك اليومَ حقٌّ لا ريبَ فيه ، { ذَلِكَ اليوم الحق } ، حيث الناس فريقان : فريق بعيد من الله ومآله إلى النار ، وفريق مآبُه القُرب من الله .

{ فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ مَآباً } .

بأن يعملَ عملاً صالحا يقرّبه منه ويُحِلّه دارَ النعيم .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

{ ذلك } إشارة إلى يوم قيامهم على الوجه المذكور وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو درجته وبعد منزلته في الهول والفخامة ومحله الرفع على الابتداء خبره قوله تعالى : { اليوم } الموصوف بقوله سبحانه : { الحق } أو هو الخبر واليوم بدل أو عطف بيان والمراد بالحق الثابت المتحقق أي ذلك اليوم الثابت الكائن لا محالة والجملة مؤكدة لما قبل ولذا لم تعطف والفاء في قوله عز وجل : { فَمَن شَاء اتخذ إلى رَبّهِ مَئَاباً } فصيحة تفصح عن شرط محذوف ومفعول المشيئة محذوف دل عليه الجزاء وإلى ربه متعلق بمآبا قدم عليه اهتماماً ورعاية للفواصل كأنه قيل وإذا كان الأمر كما ذكر من تحقق الأمر المذكور لا محالة فمن شاء أن يتخذ مرجعاً إلى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم فعل ذلك بالإيمان والطاعة وقال قتادة فيما رواه عنه عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر { مَئَاباً } أي سبيلاً وتعلق الجار به لما فيه من معنى الافضاء والإيصال والأول أظهر وتقدير المضاف أعني الثواب قيل لاستحالة الرجوع إلى ذاته عز وجل وقيل لأن رجوع كل أحد إلى ربه سبحانه ليس بمشيئته إذ لا بد منه شاء أم لا والمعلق بالمشيئة الرجوع إلى ثوابه تعالى فإن العبد مختار في الإيمان والطاعة ولا ثواب بدونها وقيل لتقدم قوله تعالى : { للطاغين مَئَاباً } [ النبأ : 22 ] فإن لهم مرجعاً لله تعالى أيضاً لكن للعقاب لا للثواب ولكل وجهة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

قوله : { ذلك اليوم الحق } المراد بذلك اليوم . يوم القيامة ، فإنه حق وإنه واقع لا محالة { فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا } أي اتخذ إلى الله بطاعته والإذعان له مرجعا . وقيل : سبيلا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلۡحَقُّۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ مَـَٔابًا} (39)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ذلك اليوم الحق} لأن العرب قالوا: إن القيامة باطل، فذلك قوله: {اليوم الحق} {فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا} يعني منزلة يعنى الأعمال الصالحة،...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"ذلكَ اليَوْمُ" يعني: يوم القيامة، وهو يوم يقوم الروح والملائكة صفا.

"الْحَقّ": يقول: إنه حقّ كائن، لا شكّ فيه.

وقوله: "فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ مآبا" يقول: فمن شاء من عباده اتخذ بالتصديق بهذا اليوم الحقّ، والاستعداد له، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله.

"مآبا"، يعني: مرجعا...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ذلك اليوم الحق} قيل: معناه ألا يقال في ذلك اليوم غير الحق. وجائز أن يكون منصرفا إلى اليوم نفسه، فيكون معناه أن كونه حقا يكون لا محالة. وقوله تعالى: {فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا} أي مرجعا. تأويله: أن الله تعالى بين للخلق سبيل الضلال والهدى، ولم يصد أحدا عن سبيل الضلال والهدى، وبين أن من سلك سبيل الضلال فمآبه إلى النار، ومن سلك سبيل الرشد والهدى فمآبه إلى الجنة؛ وذلك مآبه إلى الله تعالى واتخاذ السبيل إليه تعالى...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ذلك} أي المشار إليه لبعد مكانته وعظم رتبته وعلو منزلته {اليوم الحق} أي في اليومية لكونه ثابتاً في نفسه فلا بد من كونه ولا زوال له ثبوتاً لا مرية فيه لعاقل وثابتاً كل ما أثبته وباطلاً كل ما- نفاه...

{فمن شاء} أي- الاتخاذ من المكلفين الذين أذن لهم {اتخذ} أي بغاية جهده {إلى ربه} أي خالقه نفسه المحسن إليه أو رب ذلك اليوم باستعمال قواه التي أعطاه الله إياها في الأعمال الصالحة {مآباً} أي مرجعاً هو المرجع مما يحصل له فيه الثواب بالإيمان والطاعة، فإن الله جعل لهم قوة واختياراً، ولكن لا يقدر أحد منهم على مشيئة شيء إلا بمشيئة الله...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وموقف هؤلاء المقربين إلى الله، الأبرياء من الذنب والمعصية. موقفهم هكذا صامتين لا يتكلمون إلا بإذن وبحساب.. يغمر الجو بالروعة والرهبة والجلال والوقار. وفي ظل هذا المشهد تنطلق صيحة من صيحات الإنذار، وهزة للنائمين السادرين في الخمار:

ذلك اليوم الحق. فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا. إنا أنذرناكم عذابا قريبا: يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، ويقول الكافر: ياليتني كنت ترابا..

إنها الهزة العنيفة لأولئك الذين يتساءلون في ارتياب: (ذلك اليوم الحق).. فلا مجال للتساؤل والاختلاف.. والفرصة ما تزال سانحة! (فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا).. قبل أن تكون جهنم مرصادا ومآبا!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والإِشارة بقوله: {ذلك} إلى اليوم المتقدم في قوله: {إن يوم الفصل كان ميقاتاً} [النبأ: 17]. ومفاد اسم الإشارة في مثل هذا المقام التنبيه على أن المشار إليه حقيق بما سيوصف به بسبب ما سبق من حكاية شؤونه كما في قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} [البقرة: 5] بعد قوله: {هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب} إلى قوله: {وبالآخرة هم يوقنون} [البقرة: 2 4]، فلأجل جميع ما وصف به {يوم الفصل} كان حقيقاً بأن يوصف بأنه {اليوم الحق} وما تفرع عن ذلك من قوله: {فمن شاء اتخذ إلى ربه مئاباً}. وتعريف {اليوم} باللام للدلالة على معنى الكمال، أي هو الأعظم من بين ما يعده الناس من أيام النصر للمنتصرين لأنه يوم يجمع فيه الناس كلهم ويعطى كل واحد منهم ما هو أهله من خير أو شر فكأنَّ ما عداه من الأيام المشهورة في تاريخ البشر غير ثابت الوقوع. وفرّع عليه {فمن شاء اتخذ إلى ربه مئاباً} بفاء الفصيحة لإفصاحها عن شرط مقدر ناشئ عن الكلام السابق. والتقدير: فإذا علمتم ذلك كله فمن شاء اتخاذ مآب عند ربه فليتخذه، أي فقد بان لكم ما في ذلك اليوم من خير وشر فليختر صاحب المشيئة ما يليق به للمصير في ذلك اليوم. والتقدير: مآباً فيه، أي في اليوم. وهذا التفريع من أبدع الموعظة بالترغيب والترهيب عند ما تَسْنَحُ الفرصة للواعظ من تهيُّؤ النفوس لقبول الموعظة. والاتخاذ: مبالغة في الأخذ، أي أخَذَ أخْذاً يشبه المطاوعة في التمكن... والاتخاذ: الاكتساب والجَعْل، أي ليقتن مكاناً بأن يؤمنَ ويعمل صالحاً لينال مكاناً عند الله لأنّ المآب عنده لا يكون إلا خيراً. فقوله: {إلى ربه} دل على أنه مآب خير لأن الله لا يرضى إلا بالخير. والمآب يكون اسم مَكان من آب، إذا رجع فيطلق على المسكن لأن المرء يؤوب إلى مسكنه...