في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

( فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) . .

والسحق البعد . وهو دعاء عليهم من الله بعد اعترافهم بذنبهم في الموقف الذي لم يؤمنوا به ولم يصدقوا بوقوعه . والدعاء من الله قضاء . فهم مبعدون من رحمته . لا رجاء لهم في مغفرة ، ولا إقالة لهم من عذاب . وهم أصحاب السعير الملازمون له . ويا لها من صحبة ! وياله من مصير !

وهذا العذاب ، عذاب السعير ، في جهنم التي تشهق بأنفاسها وهي تفور ، عذاب شديد مروع حقا . والله لا يظلم أحدا . ونحسب - والله أعلم - أن النفس التي تكفر بربها - وقد أودع فطرتها حقيقة الإيمان ودليله – هي نفس فرغت من كل خير . كما فرغت من كل صفة تجعل لها اعتبارا في الوجود ، فهي كالحجر الذي توقد به جهنم . وقد انتهت إلى نكسة وارتكاس مكانها هذه النار ، إلى غير نجاة منها ولا فرار !

والنفس التي تكفر بالله في الأرض تظل تنتكس وترتكس في كل يوم تعيشه ، حتى تنتهي إلى صورة بشعة مسيخة شنيعة ، صورة منكرة جهنمية نكيرة . صورة لا يماثلها شيء في هذا الكون في بشاعتها ومسخها وشناعتها . فكل شيء روحه مؤمنة ، وكل شيء يسبح بحمد ربه ، وكل شيء فيه هذا الخير ، وفيه هذه الوشيجة التي تشده إلى محور الوجود . . ما عدا هذه النفوس الشاردة المفلتة من أواصر الوجود ، الآبدة الشريرة ، الجاسية الممسوخة النفور . فأي مكان في الوجود كله تنتهي إليه ، وهي مبتوتة الصلة بكل شيء في الوجود ? إنها تنتهي إلى جهنم المتغيظة المتلمظة ، الحارقة ، المهدرة لكل معنى ولكل حق ولكل كرامة ؛ بعد أن لم يعد لتلك النفوس معنى ولا حق ولا كرامة !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

فسُحقا : فبعداً وهلاكا لأصحاب السعير .

ولن ينفعهم اعترافُهم ، فبُعداً لأصحاب السعير عن رحمة الله .

قراءات :

قرأ الكسائي : فسحقاً بضم السين والحاء . والباقون : فسحقا بضم السين وإسكان الحاء ، وهما لغتان .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

{ فاعترفوا بذنبهم فسحقاً } بعداً ، { لأصحاب السعير } ، قرأ أبو جعفر والكسائي { فسحقاً } بضم الحاء ، وقرأ الباقون بسكونها ، وهما لغتان مثل الرعب والرعب والسحت والسحت .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

فقال الله تعالى : " فاعترفوا بذنبهم " أي بتكذيبهم الرسل . والذنب ها هنا بمعنى الجمع ؛ لأن فيه معنى الفعل . يقال : خرج عطاء الناس أي أعطيتهم . " فسحقا لأصحاب السعير " أي فبعدا لهم من رحمة الله . وقال سعيد بن جبير وأبو صالح : هو واد في جهنم يقال له السحق . وقرأ الكسائي وأبو جعفر " فسحقا " بضم الحاء ، ورويت عن علي . الباقون بإسكانها ، وهما لغتان مثل السحت والرعب . الزجاج : وهو منصوب على المصدر ، أي أسحقهم الله سحقا ، أي باعدهم بعدا . قال امرؤ القيس :

يجول بأطراف البلاد مُغَرّباً *** وتَسْحَقُهُ ريحُ الصَّبَا كلَّ مَسْحَقِ

وقال أبو علي : القياس إسحاقا ، فجاء المصدر على الحذف ، كما قيل :

وإن أهلك فذلك كان قدري

أي تقديري . وقيل : إن قوله تعالى : " إن أنتم إلا في ضلال كبير " من قول خزنة جهنم لأهلها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

ولما كان هذا الإقرار زائداً في ضررهم ، وإنما كان يكون نافعاً لهم لو قالوه في دار العمل ، وندموا عليه وأقلعوا عنه ، سبب عنه قوله ضاماً - إلى ما تقدم من تعذيب أرواحهم بمقت الملائكة لهم ثم مقتهم لأنفسهم{[66868]} - مقت الله لهم { فاعترفوا } أي بالغوا جامعين إلى مقت الله وملائكته لهم مقتهم لأنفسهم في الاعتراف وهو الإقرار عن معرفة{[66869]} .

ولما كان الذي أوردهم المهالك هو الكفر الذي تفرعت عنه جميع المعاصي ، أفرد فقال تعالى : { بذنبهم } أي في دار الجزاء ، كما كانوا يبالغون في التكذيب في دار العمل ، فلم يكن{[66870]} ينفعهم لفوات محله ، أو أنه لم يجمع الذنب إشارة إلى أنهم كانوا كلهم في المبالغة في التكذيب على حد واحد ، كما قال تعالى :

{ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون }[ الذاريات : 53 ] أو أن الإفراد{[66871]} أشد في التحذير من كثير{[66872]} الذنوب وقليلها{[66873]} حقيرها وجليلها .

ولما كانوا قد أبلغوا في كلتي{[66874]} الدارين في إبعاد أنفسهم عن مواطن الرحمة ، وتسفيلها إلى حال{[66875]} النقمة ، أنتج ذلك وسبب قوله : { فسحقاً } أي بعداً في جهة السفل ، وهو دعاء عليهم مستجاب{[66876]} { لأصحاب } وأظهر تنبيهاً على عظيم توقدها وتغيظها وتهددها فقال : { السعير * } أي الذي قضت عليهم أعمالهم بملازمتها .


[66868]:- زيد في الأصل: ثم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66869]:- في الأصل: بياض ملأناه من ظ وم.
[66870]:- زيد من ظ وم.
[66871]:- من ظ وم، وفي الأصل: الانفراد.
[66872]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66873]:- زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[66874]:- من ظ، وفي الأصل وم: تلك.
[66875]:- من ظ وم، وفي الأصل: محالة.
[66876]:- زيد في الأصل: وذلك، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ( 11 ) }

فاعترفوا بتكذيبهم وكفرهم الذي استحقوا به عذاب النار ، فبعدًا لأهل النار عن رحمة الله .