في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

21

فأما فرعون فكان له فيما يبدو رأي آخر ، أو اقتراح إضافي في أثناء التآمر . ذلك أن يتخلص من موسى نفسه . فيستريح !

( وقال فرعون : ذروني أقتل موسى ، وليدع ربه ، إني أخاف أن يبدل دينكم ، أو أن يظهر في الأرض الفساد ) . .

ويبدو من قوله : ( ذروني أقتل موسى ) . . أن رأيه هذا كان يجد ممانعة ومعارضة - من ناحية الرأي - كأن يقال مثلاً : إن قتل موسى لا ينهي الإشكال . فقد يوحي هذا للجماهير بتقديسه واعتباره شهيداً ، والحماسة الشعورية له وللدين الذي جاء به ، وبخاصة بعد إيمان السحرة في مشهد شعبي جامع ، وإعلانهم سبب إيمانهم ، وهم الذين جيء بهم ليبطلوا عمله ويناوئوه . . وقد يكون بعض مستشاري الملك أحس في نفسه رهبة أن ينتقم إله موسى له ، ويبطش بهم . وليس هذا ببعيد ، فقد كان الوثنيون يعتقدون بتعدد الآلهة ، ويتصورون بسهولة أن يكون لموسى إله ينتقم له ممن يعتدون عليه ! ويكون قول فرعون : ( وليدع ربه ) . . رداً على هذا التلويح ! وإن كان لا يبعد أن هذه الكلمة الفاجرة من فرعون ، كانت تبجحاً واستهتاراً ، لقي جزاءه في نهاية المطاف كما سيجيء .

ولعله من الطريف أن نقف أمام حجة فرعون في قتل موسى :

( إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) . .

فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني ، عن موسى رسول الله - عليه السلام - ( إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد )? ! !

أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح ? أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل ? أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادى ء ?

إنه منطق واحد ، يتكرر كلما التقى الحق والباطل ، والإيمان والكفر . والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان . والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

ولمّا أعيت فرعونَ الحيلة ولم يستطع أن يأتي بحجة ضد موسى - قال لقومه : دعوني أقتلُ موسى ، وليدعُ ربه لينقذه ، فإني أخاف عليكم أن يغير دينكم { أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأرض الفساد } .

قراءات :

قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب : أو أن يظهر ، والباقون : وأن يظهر .

وقرأ حفص ونافع ويعقوب وأبو عمرو : يُظهر الفسادَ بضم الياء ونصب الدال . والباقون : يَظهر الفسادُ بفتح الياء ، وبضم الدال .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

قوله عز وجل :{ وقال فرعون } ، لملئه ، { ذروني أقتل موسى } ، وإنما قال هذا لأنه كان في خاصة قوم فرعون من يمنعه من قتله خوفاً من الهلاك ، { وليدع ربه } ، أي : وليدع موسى ربه الذي يزعم أنه أرسله إلينا فيمنعه منا ، { إني أخاف أن يبدل } أن يغير ، { دينكم } ، الذي أنتم عليه ، { أو أن يظهر في الأرض الفساد } ، قرأ يعقوب وأهل الكوفة ( أو أن يظهر ) ، وقرأ الآخرون : ( وأن يظهر ) قرأ أهل المدينة والبصرة وحفص ( يظهر ) بضم الياء وكسر الهاء على التعدية ، الفساد نصب لقوله : ( أن يبدل دينكم ) ، حتى يكون الفعلان على نسق واحد ، وقرأ الآخرون بفتح الياء والهاء على اللزوم ، ( الفساد ) ، رفع وأراد بالفساد تبديل الدين وعبادة غيره .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

{ وقال فرعون } لملئه { ذروني أقتل موسى وليدع ربه } الذي أرسله الينا فيمنعه { إني أخاف أن يبدل دينكم } الذي أنتم عليه ويبطله { أو أن يظهر في الأرض الفساد } أو يفسد عليكم دينكم إن لم يبطله

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

قوله تعالى : " وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه " " أقتل " جزم ؛ لأنه جواب الأمر " وليدع " جزم ؛ لأنه أمر و " ذروني " ليس بمجزوم وإن كان أمرا ولكن لفظه لفظ المجزوم وهو مبني . وقيل : هذا يدل على أنه قيل لفرعون : إنا نخاف أن يدعو عليك فيجاب ، فقال : " وليدع ربه " أي لا يهولنكم ما يذكر من ربه فإنه لا حقيقة له وأنا ربكم الأعلى . " إني أخاف أن يبدل دينكم " أي عبادتكم لي إلى عبادة ربه " أو أن يظهر في الأرض الفساد " إن لم يبدل دينكم فإنه يظهر في الأرض الفساد . أي يقع بين الناس بسببه الخلاف . وقراءة المدنيين وأبي عبد الرحمن السلمي وابن عامر وأبي عمرو : " وأن يظهر في الأرض الفساد " وقراءة الكوفيين " أو أن يظهر " بفتح الياء " الفساد " بالرفع وكذلك هي في مصاحف الكوفيين : " أو " بألف وإليه يذهب أبو عبيد . قال : لأن فيه زيادة حرف وفيه فصل ؛ ولأن " أو " تكون بمعنى الواو . النحاس : وهذا عند حذاق النحويين لا يجوز أن تكون بمعنى الواو ؛ لأن في ذلك بطلان المعاني ، ولو جاز أن تكون بمعنى الواو لما احتيج إلى هذا ها هنا ؛ لأن معنى الواو " إني أخاف " الأمرين جميعا ومعنى " أو " لأحد الأمرين أي " إني أخاف أن يبدل دينكم " فإن أعوزه ذلك أظهر في الأرض الفساد .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ذَرُونِيٓ أَقۡتُلۡ مُوسَىٰ وَلۡيَدۡعُ رَبَّهُۥٓۖ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمۡ أَوۡ أَن يُظۡهِرَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡفَسَادَ} (26)

قوله : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } كانوا إذا همّ فرعون بقتل موسى كفّوه ع ذلك وقالوا له : ليس هذا ممن تخافه فهو أضعف من ذلك ، وما هو إلا ساحر لا يقاومه إلا مثله . وإنْ أنت قتلته أدخلت على الناس الشبهة واعتقدوا أنك عجزت عن معارضته بالحجة . والظاهر أن فرعون كان يعلم أن موسى نبي وأن ما جاء به لهو معجزات وما هو بسحر ، فكان خائفا من قتله مع رغبته في ذلك لهول الجزع . وكان اللعين مُحبّا للقتل وسفك الدماء .

قوله : { وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } يدل على خوف فرعون من موسى لكونه نبيّا ، وهذا من تمويهاته ؛ إذ يُظهر لقومه قلة احتفاله به فيوهمهم أنهم هم الذين يكفونه . والصواب أنه ما كان يكفّه إلا ما في نفسه من شديد الفزع .

قوله : { إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ } ذلك تعليل فاسد لقتل موسى وهو زعْم فرعون : إني أخاف أن يغيِّر ما أنتم عليه من دين ، وقد كانوا يعبدونه ويعبدون الأصنام .

قوله : { أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ } أي أخاف أن يفسد عليكم دينكم بدعوتكم إلى دينه أو يفسد عليكم دنياكم بإشاعة الفتن بينكم وبين والاقتتال الذي يذهب معه الأمن وتتعطل المعايش ويهلك الناس .